83
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يثبت للّه تعالى صورةً كصورة آدم عليه السلام ـ و العياذ باللّه ـ ، ويدلّ الحديث الثاني وما يعاضده من الأحاديث المتواترة على أنّ اللّه تعالى لا يحدّ بوصف، ولا يوصف بحدّ، ولا بشيء من أوصاف المخلوقين؛ لكونها من سمات المخلوقية ، فينزّهه تعالى عن ذلك . وقد تقدّم ۱ بعض ما يبيّن وجه الاختلاف وعلاجه ، ونضيف إليه ما يلي :

۵۰.روى الكليني قدس سره بإسناده عن حمزة بن محمّد، قال :كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة ، فكتب : سبحان من ليس كمثله شيء ؛ لا جسم ولا صورة. ۲

علاج الاختلاف :

ولا ريب أنّ مفاد الحديث الأوّل بظاهره ـ المخالف للكتاب والسنّة القطعية والعقل ـ غير قابل للأخذ به ، فلابدّ من علاجه بكشف وجه الاختلاف أو طرح الحديث المذكور . اللّهم إلاّ أن يكون قابلاً للتأويل . لكن بالفحص في أحاديث العترة الطاهرة نعرف سرّه ؛ فقد ؛

۵۱.روى الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد، قال :قلت للرضا عليه السلام : يابن رسول اللّه ، إنّ الناس يروون أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ اللّه خلق آدم على صورته ؟! فقال : قاتلهم اللّه ؛ لقد حذفوا أوّل الحديث ، إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مرّ برجلين يتسابّان، فسمع أحدهما يقول لصاحبه: قبحّ اللّه وجهك ووجه من يشبهك . فقال عليه السلام : ياعبد اللّه ، لا تقل هذا لأخيك ؛ فإنّ اللّه عز و جل خلق آدم على صورته» ۳ .

۵۲.وروى أيضا بإسناده عن عليّ عليه السلام قال :سمع النبيّ صلى الله عليه و آله رجلاً يقول لرجل : قبح اللّه وجهك ووجه من يشبهك . فقال عليه السلام : مه، لاتقل هذا؛ فإنّ اللّه خلق آدم على صورته» ۴ .

۵۳.وروى ابن حنبل بإسناده عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا ضرب أحدكم فليتجنّب

1.راجع المثال الثاني من السبب الثالث : التقطيع المخلّ .

2.الكافي: ج۱ ص۱۰۴ ح۲ .

3.التوحيد : ص۱۵۲ ح۱۱ ، بحار الأنوار: ج۴ ص۱۱ ح۱ .

4.التوحيد : ص۱۵۲ ح۱۰ ، بحار الأنوار : ج۴ ص۱۲ ح۶ .


اسباب اختلاف الحديث
82

المحرّفة ، ۱ فبثّوها بعدما أسلموا أو تظاهروا به، وتزلّفوا إلى بلاطات خلفاء الجور ، بل أصبحوا مراجع للعلم والتفسير ، فأخذ منهم جماعة من المنقطعين عن أهل البيت عليهم السلام أو المخلِّطين الذين أخذوا منهم عليهم السلام ومن غيرهم ، فحدثت من جرّاء هذا التخليط هذه الأساطير الإسرائيليّة .
ويحتمل قويّا أيضا أنّ لأيدي الحكّام الفسقة والخلفاء الفجرة مدخلية في ترويج هذه الأساطير والقصص؛ لئلا يستوحش الناس من فِعالهم القبيحة ، وفسوقهم وظلاماتهم .

المثال الثاني : طول قامة آدم عليه السلام

۴۸.۱ . روى البخاري بإسناده عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و آله ، قال :خلق اللّه آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلمَّا خلقه قال : اذهب فسلِّم على اولئك النفر من الملائكة جلوسٍ، فاستمع ما يحيّونك؛ فإنَّها تحيّتُك وتحيّة ذرّيّتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة اللّه ، فزادوه: ورحمة اللّه ، فكلّ من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن . ۲

۴۹.۲ . الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال :كتبت إلى الرجل ـ يعني أبا الحسن عليه السلام ـ : إنّ مَن قِبَلَنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد ، فمنهم من يقول : جسم، ومنهم من يقول: صورة ؟ فكتب عليه السلام بخطّه : سبحان من لا يُحَدّ ولا يوصَف ، ليس كمثله شيء، وهو السميع العليم أو قال : البصير . ۳

وقد روي صدر هذا الحديث عن أبي هريرة بوجه آخر مثّلنا به في بحث «التقطيع المخلّ» .

1.الكتاب المقدَّس : ص۳۸۴ ـ ۳۸۶ الإصحاح ۱۱ و ۱۲ من سفر صموئيل الثاني من كتب العهد العتيق ، حيث يذكر اُسطورة فعلة داوود الملك النبيّ عليه السلام بـ «بتشابع ـ أو بثشَبع» ـ بنت أليعام، زوجة اُوريا الحِثّي، ثمّ الاحتيال في قتله، وهو من قُوّاد جيشه . وأستغفر اللّه تعالى من ذكر هذه الاكذوبة المفتعلة الملصَقة بأحد كرام خلق اللّه سبحانه وتعالى .

2.صحيح البخاري : ج۵ ص۲۲۹۹ ح۵۸۷۳ .

3.التوحيد : ص۱۰۰ ح۹ ، بحار الأنوار: ج۳ ص۲۹۴ ح۱۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254092
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي