61
الضّعفاء من رجال الحديث ج1

المراكز العلمية الشيعية ، وأصبح الوجود الشيعي متأثرا بالطرق الصوفية ، كالطريقة العلية الهمدانيه ، والنوربخشية ، والقزلباشية ، والنعمة اللاهية ، والبكتاشية ، والمشعشعية ، ولم يسلم منه إلاّ قرى معدودة صغيرة في جبل عامل ، وقرى متناثرة في أهوار العراق (الجزائر) ، لتعيد الأصالة الفكرية ، وتحافظ على التراث عبر إجازة الكتب ونسخها وقراءتها ، إلى أن برز المحقّق الكركي والمقدّس الأردبيلي ، والشيخ القطيفي والشهيد الثاني في الساحة العلمية ، وثم تلاهم البهائي والتستري والشيخ حسن صاحب المعالم ، ومن بعدهم الجزائري والطريحي ، ليقودوا الحياة العلمية والبحث والتحقيق من جديد ، كل ذلك متمثلاً بمركزين :
أحدهما : يتصف بطابع المركز العلمي المحافظ في النجف الأشرف ومن لم يهاجر من علماء جبل عامل .
والثاني : في إيران ومراكزه العلمية بقزوين وإصفهان وشيراز الذي يتميز بالمشروع العلمي الواسع ، الذي يجمع بين البحث العلمي وحركة التبليغ لمدرسة أهل البيت ، والصراع ضد التيارات الصوفية المنافسة في الحياة السياسية والاجتماعية .
فقد كان اتجاه البحث العلمي في كلا المركزين متجها لاستيعاب التراث العلمي ، وإحياء منهج وأساليب المدرسة الحلّية مع الحفاظ على التراث ، لذا فقد أُلفت الكتب الرجالية في هذا الاتجاه، وهي :
أ ـ التحرير الطاووسي ، للشيخ حسن بن زين الدين الذي استخرجه من كتاب حل الإشكال في معرفة الرجال لمّا رآه مشرفا على التلف .
ب ـ الضعفاء ، لابن الغضائري ، استخرجه الشيخ محمّد بن حسين بن عبيداللّه الواسطي البغدادي .
ج ـ حاوي الأقوال في معرفة علم الرجال ، للشيخ عبدالنبي بن سعد الجزائري (م عام 1021 ق ) ، وهو أول كتاب رتب الرجال فيه على أربعة أقسام ، بحسب التقسيم


الضّعفاء من رجال الحديث ج1
60

رجاله والعلاّمة في مقدمة خلاصة الأقوال .
ولا تفوتنا الإشارة إلى أنّ منهج وطريقة المدرسة العاملية وتلاميذها قبل ظهور الحركة الأخبارية لا تخرج عن ما جادت به المدرسة الحلّيّة ، فقد استمر جهدهم العلمي في إطار المدرسة الحلّيّة من حيث المنهج والقواعد والمادة بعد ركود طويل منيت به الحياة العلمية الشيعية ، حين أفل نجم الحلّة كمركز علمي وجامعة إسلامية يقصدها طلاب العلم والمعرفة .
فقد تعرض العالم الإسلامي والعراق بالخصوص لحروب دامية بين الأُمراء ، إذ تقاتل ابنا حسن الجلائري على استلام الحكم ، وكانت الحلّة وبغداد مسرحا للعمليات العسكرية ؛ لأنّ الحلّة كانت في فترة من الزمن عاصمتهم حتّى جاءت القبائل التركمانية لتتقاتل فيما بينها على الاستيلاء على العراق .
وقد تزامن مع الاضطراب السياسي حركة صوفية قوية اكتسحت العالم الإسلامي واستطاعت أن تعلن الثورات وتؤسس الدول ، أو تدخل في صياغة شكل الدولة ، وقد تعرّض العالم الشيعي لهذه الظاهرة بشكل لم يسبق له مثل في تاريخه ، حيث إنّ أكثر الدول والإمارات الشيعية قائمة على أساس صوفي ، وعقيدة التزاوج والوئام بين التشيع والتصوف ، كدولة السربداران والدولة المرعشية ، والدولة الصفوية وحركة السيّد نور بخش المشعشعية من ختلان إلى خراسان ، ثم شيراز، ثم العراق إلى كردستان لتضرب باسمه السكك .
ومن الطبيعي أن تؤدي النزعات الصوفية إلى حالة من الغلو والتطرف الفكري والعقائدي ، لذا فقد هيأت تلك النزعات الأجواء لظهور أفكار الغلاة بقوة ، لتشكّل تيارا يؤسّس دولة في جنوب العراق وخوزستان باسم دولة المشعشعين الناجمة عن حركة محمّد بن فلاح المشعشع ، تلميذ السيّد نوربخش وموضع سره ۱
وفي ظل الفوضى السياسية والفكرية التي مُني بها العالم الإسلامي انهارت

1.شبهات ورُدودٌ ، الحلقة الرابعة ، بحث نُشر للمؤلف .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج1
    المساعدون :
    الأسدي، عادل حسن
    المجلدات :
    3
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 178521
الصفحه من 560
طباعه  ارسل الي