21
الضّعفاء من رجال الحديث ج3

الضّعفاء من رجال الحديث ج3
20

نماذج من رواياته :

۱.. ما جاء في كتاب التوحيد قال الصدوق :حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن بردة ، قال : حدّثني العباس بن عمرو الفقيمي ، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمّد العلوي ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، قال : لقيته عليه السلام على الطريق عند منصرفي من مكّة إلى خراسان ، وهو سائر إلى العراق فسمعته ، يقول :
من اتقى اللّه يُتّقى ، ومن أطاع اللّه يُطاع .
فتلطّف في الوصول إليه ، فوصلت فسلمت فرد عليَ السلام ، ثم قال:
يا فتح، من أرضى الخالق لم يبالِ بسخط المخلوق ، ومن أسخط الخالق فقَمِن أن يسلط عليه سخط المخلوق ، وإنّ الخالق لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه وأنّى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الإحاطة به؟ جل عمّا وصفه الواصفون ، وتعالى عمّا ينعته الناعتون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، فهو في بعده قريب ، وفي قربه بعيد ، كيف الكيف فلا يقال له : كيف وأين الأين فلا يقال له أين ، إذ هو مبدع الكيفوفية والأينونية. يا فتح كلّ جسم مغذي بغذاء إلاّ الخالق الرزاق ، فإنّه جسم الأجسام ، وهو ليس بجسم ولا صورة ، لم يتجزأ ، ولم يتناه ، ولم يتزايد ، ولم يتناقص ، مبرَّأ من ذات ما ركب في ذات من جسمه وهو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام ، ومصور الصور ، لو كان ، كما يقول المشبّهة لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولا الرازق من المرزوق ، ولا المنشئ من المنشأ ، لكنه المنشئ فرق بين من جسمه وصوره ، وشيئه وبينه إذ كان لا يشبهه شيء .
قلت : فاللّه واحد والإنسان واحد ، فليس قد تشابهت الوحدانية؟
فقال : أحلت ثبتك اللّه إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة ، وهي دلالة على المسمّى وذلك أنّ الإنسان وإن قيل واحد فإنّه يخبر أنّه جثة واحدة وليس باثنين ، والإنسان نفسه ليس بواحد؛ لأنّ أعضاءه مختلفة ، وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليس سواء دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره . وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ، فالإنسان واحد في الاسم ، لا واحد في المعنى ، واللّه ـ جل جلاله ـ واحد لا واحد غيره ، ولا اختلاف فيه ، ولا تفاوت ، ولا زيادة ، ولا نقصان ، فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنّه بالاجتماع شيء واحد .
قلت : فقولك : اللطيف فسره لي ، فإنّي أعلم أنّ لطفه خلاف لطف غيره للفصل ، غير أنّي أحب أن تشرح لي .
فقال : يا فتح ، إنّما قلت : اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه بالشيء اللطيف ، ألاترى إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ، وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان من الجرجس والبعوض وما هو أصغر منهما ممّا لا يكاد تستبينه العيون ، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأُثنى ، والمولود من القديم ، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه بما في لجج البحار ، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفاز ، وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما تفهم به أولادها عنها ، ونقلها الغذاء إليها ، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة ، وبياض مع حمرة علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف ، وأنّ كلّ صانع شيء فمن شيء صنع ، واللّه الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شيء .
قلت : ـ جعلت فداك ! ـ وغير الخالق الجليل خالق؟
قال : إن اللّه ـ تبارك وتعالى ـ يقول : «تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَــلِقِينَ»۱ فقد أخبر أنّ في عباده خالقين منهم عيسى بن مريم ، خلق من الطين كهيئة الطير بإذن اللّه فنفخ فيه فصار طائرا بإذن اللّه ، والسامري خلق لهم عجلاً جسدا له خوار.
قلت : إن عيسى خلق من الطين طيرا دليلاً على نبوته ، والسامري خلق عجلاً جسدا لنقض نبوة موسى عليه السلام ، وشاء اللّه أن يكون ذلك كذلك؟ إنّ هذا لهو العجب .
فقال : ويحك يا فتح ، إنّ للّه إرادتين ومشيئتين إرادة حتم وإرادة عزم ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء ، أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك ، ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة اللّه ، وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل عليهماالسلام وشاء ألاّ يذبحه ، ولو لم يشأ يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة اللّه عز و جل .
قلت : فرجت عنّي فرج اللّه عنك ، غير أنّك قلت : السميع البصير ، سميع بالأذن وبصير بالعين؟
فقال : إنّه يسمع بما يبصر ، ويرى بما يسمع ، بصير لا بعين مثل عين المخلوقين ، وسميع لا بمثل سمع السامعين ، لكن لما لم يخف عليه خافية من أثر الذرة السوداء على الصخرة الصماء في اللّيلة الظلماء تحت الثرى والبحار قلنا : بصير ، لا بمثل عين المخلوقين ، ولما لم يشتبه عليه ضروب اللغات ، ولم يشغله سمع عن سمع قلنا : سميع ، لا مثل سمع السامعين .
قلت : ـ جعلت فداك ! ـ قد بقيت مسألة .
قال : هات للّه أبوك .
قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟
قال : ويحك! إنّ مسائلك لصعبة ، أما سمعت اللّه يقول : «لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا»۲ وقوله : «وَ لَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ»۳ وقال يحكي قول أهل النار : «أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَــلِحًا غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ»۴ وقال : «وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ»۵ فقد علم الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون .
فقمت لاُقبِّلَ يده و رجله ، فأدنى رأسه فقبلت وجهه و رأسه ، وخرجت وبي من السرور والفرح ما أعجز عن وصفه لما تبينت من الخير والحظِّ . ۶

1.المؤمنون : ۱۴ .

2.الأنبياء : ۲۲ .

3.المؤمنون : ۹۱ .

4.فاطر : ۳۷ .

5.الأنعام : ۲۸ .

6.التوحيد : ص ۶۰ و ۶۵ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج3
    المساعدون :
    الأسدي، عادل حسن
    المجلدات :
    3
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 110392
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي