كلام حول الشّروط الأصليّة لإجابة الدّعاء
أشرنا سابقا إلى أنّ المقدّمات الأصليّة لإجابة الدعاء هي الانقطاع وتفريغ القلب من رجاء غير اللّه تعالى . وكلّما تعزّزت هذه الحال في نفس الداعي كان دعاؤه إلى الإجابة أقرب .
بكلمة اُخرى ، لإجابة الدعاء شرط واحد لا أكثر ، وهو تحقيق الداعي حقيقة الدعاء ، ولكن لا تتحقّق حقيقة الدعاء ما لم يتهيّأ للإنسان حال الانقطاع . من هنا ، عندما يضطرّ الإنسان في حاجة من حاجاته ولا يرى ملاذا له إلاّ اللّه جلّ شأنه ، فإنّ دعاءه يُستجاب إن شاء اللّه .
قال العلاّمة الطباطبائيّ ـ رضوان اللّه تعالى عليه ـ في تفسير الآية الثانية والستّين من سورة النمل : «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ . . .» : المراد بإجابة المضطرّ إذا دعاه استجابة دعاء الداعين وقضاء حوائجهم . وإنّما أخذ وصف الاضطرار ليتحقّق بذلك من الداعي حقيقة الدعاء والمسألة ؛ إذ ما لم يقع الإنسان في مضيقة الاضطرار وكان في مندوحة من المطلوب لم يتمحّض منه الطلب وهو ظاهر.
ثم قيَّده بقوله : «إِذَا دَعَاهُ» للدلالة على أنّ المدعوّ يجب أن يكون هو اللّه سبحانه وإنّما يكون ذلك عند ما ينقطع الداعي عن عامّة الأسباب الظاهرية ويتعلّق قلبه بربّه وحده . وأمّا من تعلّق قلبه بالأسباب الظاهرية فقط أو بالمجموع من ربّه ومنها فليس يدعو ربّه وإنّما يدعو غيره .
فإذا صدق في الدعاء وكان مدعوّه ربّه وحده فإنّه تعالى يجيبه ويكشف السوء