259
نهج الدعاء

ألَم يَعلَم [أنَّ] مَن طَرَقَتهُ نائِبَةٌ مِن نَوائِبي ، أنَّهُ لا يَملِكُ كَشفَها أحَدٌ غَيري إلاّ مِن بَعدِ إذني ؟! فَما لي أراهُ لاهِيا عَنّي ؟! أعطَيتُهُ بِجودي ما لَم يَسأَلني ، ثُمَّ انتَزَعتُهُ عَنهُ فَلَم يَسأَلني رَدَّهُ ، وسَأَلَ غَيري ، أفَيَراني أبدَأُ بِالعَطاءِ قَبلَ المَسأَلَةِ ، ثُمَّ اُسأَلُ فَلا اُجيبُ سائِلي ؟! أبَخيلٌ أنَا فَيُبَخِّلُني عَبدي ؟! أوَلَيسَ الجودُ وَالكَرَمُ لي ؟! أوَلَيسَ العَفوُ وَالرَّحمَةُ بِيَدي ؟! أوَلَيسَ أنَا مَحَلَّ الآمالِ فَمَن يَقطَعُها دوني ؟! أفَلا يَخشَى المُؤَمِّلونَ أن يُؤَمِّلوا غَيري ؟! فَلَو أنَّ أهلَ سَماواتي وأهلَ أرضي أمَّلوا جَميعا ، ثُمَّ أعطَيتُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُم مِثلَ ما أمَّلَ الجَميعُ مَا انتَقَصَ مِن مُلكي مِثلُ عُضوِ ذَرَّةٍ ، وكَيفَ يَنقُصُ مُلكٌ أنَا قَيِّمُهُ ؟ فَيا بُؤسا لِلقانِطينَ مِن رَحمَتي ، ويا بُؤسا لِمَن عَصاني ولَم يُراقِبني! ۱

۷۸۷.الإمام عليّ عليه السلامـ لِنَوفٍ البِكالِيِّ ـ: اِنقَطِعْ إلَى اللّهِ سُبحانَهُ ؛ فَإِنَّهُ يَقولُ : وعِزَّتي وجَلالي ، لاَُقَطِّعَنَّ أمَلَ كُلِّ مَن يُؤَمِّلُ غَيري بِاليَأسِ ، ولَأَكسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ فِي النّاسِ ، ولاَُبَعِّدَنَّهُ مِن قُربي ، ولاَُقَطِّعَنَّهُ عَن وَصلي ، ولاَُخمِلَنَّ ذِكرَهُ حينَ يَرعى غَيري . أيُؤَمِّلُ ـ وَيلَهُ ـ لِشَدائِدِهِ غَيري ، وكَشفُ الشَّدائِدِ بِيَدي ؟! ويَرجو سِوايَ ، وأنَا الحَيُّ الباقي ؟! ويَطرُقُ أبوابَ عِبادي وهِيَ مُغلَقَةٌ؟! ويَترُكُ بابي وهُوَ مَفتوحٌ ؟! فَمَن ذَا الَّذي رَجاني لِكَثيرِ جُرمِهِ فَخَيَّبتُ رَجاءَهُ ؟!
جَعَلتُ آمالَ عِبادي مُتَّصِلَةً بي ، وجَعَلتُ رَجاءَهُم مَذخورا لَهُم عِندي ، ومَلَأتُ سَماواتي مِمَّن لا يَمَلُّ تَسبيحي ، وأمَرتُ مَلائِكَتي أن لا يُغلِقُوا الأَبوابَ بَيني وبَينَ عِبادي ، ألَم يَعلَم مَن فَدَحَتهُ نائِبَةٌ مِن نَوائِبي أن لا يَملِكَ أحَدٌ كَشفَها إلاّ بِإِذني ؟! فَلِمَ يُعرِضُ العَبدُ بِأَمَلِهِ عَنّي ، وقَد أعطَيتُهُ ما لَم يَسأَلني ، فَلَم يَسأَلني وسَأَلَ غَيري ؟ أفَتَراني أبتَدِئُ خَلقي مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ ، ثُمَّ اُسأَلُ فَلا اُجيبُ سائِلي ؟! أبَخيلٌ أنَا

1.الكافي : ج ۲ ص ۶۶ ح ۷ ، بحار الأنوار : ج ۷۱ ص ۱۳۰ ح ۷ .


نهج الدعاء
258

مِن مَخلوقٍ يَعتَصِمُ بي دونَ خَلقي إلاّ ضَمَّنتُ السَّماواتِ وَالأَرضَ رِزقَهُ ؛ فَإِن دَعاني أجَبتُهُ ، وإن سَأَلَني أعطَيتُهُ ، وإنِ استَغفَرَني غَفَرتُ لَهُ . ۱

۷۸۵.عنه صلى الله عليه و آله :إذا أرادَ صاحِبُكُم أن لا يَسأَلَ رَبَّهُ إلاّ أعطاهُ ، فَليَيأَس مِنَ النّاسِ كُلِّهِم ، ولا يَكونَنَّ لَهُ رَجاءٌ عِندَ غَيرِ اللّهِ ؛ فَإِذا عَلِمَ اللّهُ ذلِكَ مِن قَلبِهِ لَم يَسأَلهُ شَيئا إلاّ أعطاهُ . ۲

۷۸۶.الكافي عن الحسين بن علوان :كُنّا في مَجلِسٍ نَطلُبُ فيهِ العِلمَ ، وقَد نَفِدَت نَفَقَتي في بَعضِ الأَسفارِ ، فَقالَ لي بَعضُ أصحابِنا : مَن تُؤَمِّلُ لِما قَد نَزَلَ بِكَ ؟ فَقُلتُ : فُلانا .
فَقالَ : إذا وَاللّهِ لا تُسعَفُ حاجَتُكَ ، ولا يَبلُغُكَ أمَلُكَ ، ولا تُنجِحُ طَلِبَتُكَ . قُلتُ : وما عِلمُكَ رَحِمَكَ اللّهُ ؟
قالَ : إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام حَدَّثَني أنَّهُ قَرَأَ في بَعضِ الكُتُبِ : أنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى يَقولُ : وعِزَّتي وجَلالي ومَجدي وَارتِفاعي عَلى عَرشي ، لاَُقَطِّعَنَّ أمَلَ كُلِّ مُؤَمِّلٍ [مِنَ النّاسِ ]غَيري بِاليَأسِ ، ولَأَكسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ عِندَ النّاسِ ، ولاَُنَحِّيَنَّهُ مِن قُربي ، ولاَُبَعِّدَنَّهُ مِن فَضلي ، أيُؤَمِّلُ غَيري فِي الشَّدائِدِ ، وَالشَّدائِدُ بِيَدي ؟! ويَرجو غَيري ويَقرَعُ بِالفِكرِ بابَ غَيري وبِيَدي مَفاتيحُ الأَبوابِ وهِيَ مُغلَقَةٌ ، وبابي مَفتوحٌ لِمَن دَعاني ؟! فَمَن ذَا الَّذي أمَّلَني لِنَوائِبِهِ فَقَطَعتُهُ دونَها ؟!
ومَن ذَا الَّذي رَجاني لِعَظيمَةٍ فَقَطَعتُ رَجاءَهُ مِنّي ؟! جَعَلتُ آمالَ عِبادي عِندي مَحفوظَةً ، فَلَم يَرضَوا بِحِفظي ، ومَلَأتُ سَماواتي مِمَّن لا يَمَلُّ مِن تَسبيحي ، وأمَرتُهُم أن لا يُغلِقُوا الأَبوابَ بَيني وبَينَ عِبادي ، فَلَم يَثِقوا بِقَولي .

1.الأمالي للطوسي : ص ۵۸۵ ح ۱۲۱۰ ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۷۴ كلاهما عن إسحاق بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، صحيفة الإمام الرضا عليه السلام : ص ۸۲ ح ۵ ، عدّة الداعي : ص ۱۲۴ ، مشكاة الأنوار : ص ۵۱ ح ۴۶ ، بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۳۰۴ ح ۳۹؛ كنز العمّال : ج ۳ ص ۷۰۳ ح ۸۵۱۲ نقلاً عن العسكري عن الإمام عليّ عليه السلام نحوه ، وراجع الفردوس : ج ۱ ص ۱۴۰ ح ۴۹۶ .

2.تيسير المطالب : ص ۲۳۵ عن الإمام عليّ عليه السلام .

  • نام منبع :
    نهج الدعاء
    المساعدون :
    افقی، رسول؛ سرخئی، احسان
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1386 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 251340
الصفحه من 787
طباعه  ارسل الي