277
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

إلهي ، أنَا الفَقيرُ في غِنايَ ، فَكَيفَ لا أكونُ فَقيرا في فَقري ؟
إلهي ، أنَا الجاهِلُ في عِلمي ، فَكَيفَ لا أكونُ جَهولاً في جَهلي ؟
إلهي ، إنَّ اختِلافَ تَدبيرِكَ ، وسُرعَةَ طَواءِ مَقاديرِكَ ، مَنَعا عِبادَكَ العارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكونِ إلى عَطاءٍ ، وَاليَأسِ مِنكَ في بَلاءٍ .
إلهي ، مِنّي ما يَليقُ بِلُؤمي ، ومِنكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ .
إلهي ، وَصَفتَ نَفسَكَ بِاللُّطفِ وَالرَّأفَةِ لي قَبلَ وُجودِ ضَعفي ، أفَتَمنَعُني مِنهُما بَعدَ وُجودِ ضَعفي ؟
إلهي ، إن ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنّي فَبِفَضلِكَ ، ولَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ ، وإن ظَهَرَتِ المَساوِئُ مِنّي فَبِعَدلِكَ ، ولَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ .
إلهي ، كَيفَ تَكِلُني ، وقَد تَوَكَّلتَ لي ؟ وكَيفَ اُضامُ ۱ ، وأنتَ النّاصِرُ لي ؟ أم كَيفَ أخيبُ ، وأنتَ الحَفِيُّ ۲ بي ؟
ها أنَا أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِفَقري إلَيكَ ، وكَيفَ أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِما هُوَ مَحالٌ أن يَصِلَ

1.الضّيْمُ : الظلم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۷۳ «ضيم») .

2.حَفِيَ به : أي بالغ في برّه والسؤال عنه (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۹ «حفا») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
276

اللّهُمَّ وَفِّقنا وسَدِّدنا وَاعصِمنا وَاقبَل تَضَرُّعَنا ، يا خَيرَ مَن سُئِلَ ، ويا أرحَمَ مَنِ استُرحِمَ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ إغماضُ الجُفونِ ، ولا لَحظُ العُيونِ ، ولا مَا استَقَرَّ فِي المَكنونِ ، ولا مَا انطَوَت عَلَيهِ مُضمَراتُ القُلوبِ ، ألا كُلُّ ذلِكَ قَد أحصاهُ عِلمُكَ ، ووَسِعَهُ حِلمُكَ ، سُبحانَكَ وتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرضُ ومَن فيهنَّ ، وإن مِن شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمدِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ وَالمَجدُ ، وعُلُوُّ الجَدِّ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ ، وَالفَضلِ وَالإِنعامِ ، وَالأَيادِي الجِسامِ ، وأنتَ الجَوادُ الكَريمُ ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ ، أوسِع عَلَيَّ مِن رِزقِكَ ، وعافِني في بَدَني وديني ، وآمِن خَوفي ، وأعتِق رَقَبَتي مِنَ النّارِ .
اللّهُمَّ لا تَمكُر بي ولا تَستَدرِجني ولا تَخذُلني ، وَادرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإِنسِ .
[ثُمَّ رَفَعَ عليه السلام صَوتَهُ وبَصَرَهُ إلَى السَّماءِ وعَيناهُ قاطِرَتانِ كَأَنَّهُما مَزادَتانِ ، وقالَ :] ۱
يا أسمَعَ السّامِعينَ ، ويا أبصَرَ النّاظِرينَ ، ويا أسرَعَ الحاسِبينَ ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وأسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتي إن أعطَيتَنيها لَم يَضُرَّني ما مَنَعتَني ، وإن مَنَعتَنيها لَم يَنفَعني ما أعطَيتَني ، أسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ المُلكُ ولَكَ الحَمدُ ، وأنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ . ۲

1.أثبتنا ما بين المعقوفين من البلد الأمين : ص ۲۵۸ . وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ و مستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۵ ح ۱۱۳۷۰ .

2.عند هذه الكلمات تمّ دعاؤه عليه السلام في البلد الأمين ، ولم يذكر قوله بعد ذلك : «إلهي أنا الفقير . . .» إلى آخر الدعاء . ثمّ قال : فلم يكن له عليه السلام جهد إلاّ قوله : يا ربّ ، يا ربّ ، بعد هذا الدعاء ، وشغل من حضر ممّن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم ، وأقبلوا على الاستماع له عليه السلام ، والتأمين على دعائه ، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم ، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه ، وغربت الشمس ، وأفاض عليه السلام وأفاض الناس معه (البلد الأمين : ص ۲۵۸ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ و مستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۶ ح ۱۱۳۷۰) . جدير بالذكر أنّنا نقلنا المقطع التالي من الدعاء عن كتاب الإقبال للسيّد ابن طاووس ، ولهذا وقع الاختلاف في كون المقطع المذكور من دعاء الإمام الحسين عليه السلام أم من غيره ، وسنتعرّض لذلك في البيان الذي نذكره بعد إيراد الدعاء .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 249981
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي