11
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

ضربة من الناحية السياسيّة للدولة الإسلاميّة الحقّة .
وعامل آخر ضاعف كثيراً من عزوف الأُمّة عن العلماء الحقيقيّين وعلى رأسهم أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ألا وهو اتّخاذ سياسة المنع العامّ لتدوين الحديث ، وما تبع ذلك من دخول الإسرائيليات والقصص الغريبة إلى الساحة الثقافيّة والفكريّة للخلافة الإسلاميّة من قبل القصّاص والأحبار حديثي الإسلام ۱ .
وقد تصاعدت وتيرة السياسة الّتي تبنّاها معاوية لإقصاء الدين عن الحياة إلى حدّ العزم على حذف اسم النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ! حيث كان يتأذّى من تكرار سماع اسمه الشريف في الأذان ! ولذا سعى من خلال دسّ الموضوعات من الأخبار في تشريع الأذان التمهيد إلى استحداث أمرٍ جديدٍ يحلّ محّله ، إلاّ أنّه لم يفلح في ذلك نتيجة مواقف أهل البيت عليهم السلام ۲ .
ومن الطبيعي في مثل ذلك الظرف السياسي أن يندر من يعرّض نفسه للخطر لتحمّل أو رواية حديث الإمام الحسين أو أخيه الإمام الحسن عليهماالسلام .
إلاّ أنّ هذا لا يعني غلق باب الانتهال من بحر علم الإمام الحسين عليه السلام وحكمته بشكلٍ كاملٍ ، فقد نقل عنه خواصّه وأصحابه ولا سيما ولده من بعده الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام الّذي سمع منه أحاديث كثيرة والّتي وصلنا بعضها ، وأمّا عامّة الناس فلم يسمعوا عنه ولا عن أخيه الحسن عليه السلام إلاّ في مسألة واحدة كما يحدّثنا بذلك الإمام الرضا عليه السلام حيث يقول :
«ما رأَيتُ النّاسَ أخَذوا عَنِ الحَسَنِ والحُسَينِ إِلاَّ الصَّلاةَ بَعد العَصرِ وَبَعدَ الغَداةِ في طَوافِ الفَريضَةِ»۳.

1.اُنظر : الموضوعات لابن الجوزي : ج ۱ ص ۲۹ ، الوضع في الحديث : ج ۱ ص ۲۷۳ ـ ۲۷۹ ، الموضوعات في الآثار والأخبار : ص ۱۵۳ .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ عنوان «الأذان» .

3.الكافي: ج ۴ ص ۴۲۴ ح ۵ . يرى عامّة أهل السنّة عدم جواز الصلاة بعد صلاتي العصر والصبح ، واستثنوا من ذلك صلاة الطواف الواجب اقتداءً بفعل الحسنين عليهماالسلام حيث صلّيا صلاة الطواف بعد الطواف الواجب.


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
10

إلاّ أنّ ما يؤسف له حقّاً عدم سماح الجوّ السياسي بعد النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم للأُمّة أن تنتهل من معين حكمة أهل البيت عليهم السلام كما يجب ، ولذا نجد قلّة التراث العلمي المنقول عن أكثر أئمّة أهل البيت عليهم السلام .

التراث العلمي المأثور عن الإمام الحسين عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام من جملة أئمّة أهل البيت الّذين لم يتسنّى كثيراً نقل تراثهم العلمي بسبب الأوضاع السياسيّة الّتي اكتنفت فترة إمامته التي شابهت الأوضاع الّتي مرّت بها إمامة أخيه الحسن عليه السلام ، حتّى أنّ العلاّمة الطباطبائي رضوان اللّه تعالى عليه نفى نقل الحديث الفقهي عنه عليه السلام ۱ . وإن كان هذا الكلام لا يخلو من المبالغة إلاّ أنّ تتبّعنا يؤيّده إلى حدٍّ كبير .

أحلك العهود الّتي مرّت بأهل البيت عليهم السلام

مثَّلَ عهد معاوية وولده يزيد أحرج الفترات والعهود الّتي مرّ بها أهل البيت عليهم السلام ، فقد دامت إمامة الحسين عليه السلام ما يقرب من عشرة أعوام (صفر 51 ـ محرّم 61) ، عاصر فيها معاوية لأكثر من تسعة سنين .
لقد بذل معاوية أقصى جهده لوضع الموانع والعراقيل في علاقة الأُمّة بولديّ رسول اللّه الحسن والحسين عليهماالسلام وذلك من أجل القضاء على الدعامة السياسيّة والاجتماعية لأهل البيت الّذين كانت تتسّع محبوبيّتهم في المجتمع الإسلامي . قام معاوية بحرمان أتباع أهل البيت عليهم السلام من حقوق المواطنة ، بل وحتّى قطع عطائهم ، إضافة إلى ما مارسه بحقّهم من سياسة القتل والتعذيب والمطاردة والإيذاء ۲ .
وقد وجّهت هذه السياسة ضربة قاصمة لمعارف الإسلام الأصيلة ، مضافاً إلى تسديدها

1.سرگذشت شهيد جاويد (فارسي) ، (تاريخ «الشهيد الخالد») ، رضا اُستادي ، ملحق رسالة علم للعلاّمة الطباطبائي : ص ۵۳۵ .

2.اُنظر : شرح نهج البلاغة : ج ۱۱ ص ۴۳ وموسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۱۱ ص ۳۴۳ ـ ۳۶۶ الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219997
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي