15
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

1 . الحكمة العلميّة

المراد بالحكمة العلمية : عامّة المعارف والعلوم الّتييحتاجها الإنسان في الارتقاء إلى مقام الإنسان الكامل . وبعبارة أُخرى «الحكمة» تشمل العلم المرتبط بالعقائد والعلم المرتبط بالأخلاق والعلم المرتبط بالسلوك والعمل ، ولذا أطلق القرآن لفظ الحكمة على البُعد العقائدي والأخلاقي والعملي عند استعراضه جملةً من التعاليم والدساتير المتعلّقة بكلّ واحدٍ من هذه الأبعاد ، فقال جلّ شأنه : «ذَ لِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ»۱ .
والحكمة بهذا المفهوم تمثّل نقطة الانطلاق في فلسفة بعثة الأنبياء ، وهذا ما أكّدته آيات قرآنية عديدة ، منها قوله تعالى :
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـلٍ مُّبِينٍ»۲ .

2 . الحكمة العمليّة

وتعني الحكمة العمليّة : البرنامج العملي للوصول إلى مرتبة الإنسان الكامل . وهي تُطلق في القرآن والحديث على العلم الّذي يقع مقدّمة لتكامل الإنسان وعلى العمل الّذي يمهّد لرقيّه وتكامله ، مع فارق أنّ العلم يمثّل الخطوة الأولى والعمل يمثّل الخطوة الثانية . وقد أشارت الأحاديث الّتيفسّرت الحكمة بامتثال أوامر اللّه سبحانه ومداراة الناس واجتناب المعاصي والمعايب إلى هذا النوع من الحكمة .

3 . الحكمة الحقيقيّة

الحكمة الحقيقيّة عبارة عن نورٍ وبصيرةٍ تحصل للإنسان عن طريق تطبيق الحكمة العمليّة

1.اُنظر الإسراء : ۳۹ وما قبلها .

2.آل عمران : ۱۶۴ ، واُنظر أيضاً : البقرة : ۱۲۹ و ۱۵۱ ، الجمعة : ۲ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
14

الحكمة في القرآن والحديث

لقد تكرّر لفظ الحكمة في القرآن الكريم في عشرين موضعاً ، ووصف الباري جلّ شأنه ذاته بـ «الحكيم» في هذا الكتاب السماوي 91 مرّة ۱ .
إنّ التأمّل في موارد استعمال هذه المفردة فيالنصوص الدينية يدلّنا على أنّ المقصود بها ـ من زاوية قرآنية وروائية ـ هو تلك المقدّمات العلميّة والعمليّة والنفسيّة المتّقنة والمحكمة لنيل المقاصد الإنسانية الراقية . وما المعنى الوارد في الأحاديث في تفسير الحكمة في حقيقته إلاّ مصداقاً من مصاديق هذا التعريف الكلّي .

أقسام الحكمة

في ضوء ما ذكرنا من التعريف العامّ للحكمة فإنّها تنقسم من ناحية قرآنية وروائية إلى ثلاثة أقسام : الحكمة العلميّة ، والحكمة العمليّة ، والحكمة الحقيقيّة .
ويستند هذا التقسيم وهذه التسمية إلى تتبّع مواضع استعمالها في القرآن والحديث والتأمّل فيها .
ويعتبر كلّ واحدٍ من هذه الأقسام الثلاثة للحكمة (العلميّة والعمليّة والحقيقيّة) درجة في سُلّم الاستقامة والثبات يُستعان بها لنيل قمم الإنسانية الرفيعة . وأوّل واضع للبنات الدرجة الأولى في هذا السُلّم (أعني الحكمة العلميّة) هم الرسل الإلهيّين ، ويُفترض بالإنسان أن يكون هو المؤسّس للدرجة الثانية فيه (وهي الحكمة العمليّة) ، وأمّا الدرجة الأخيرة في سلّم الرقي إلى مقام الإنسان الكامل (الحكمة الحقيقيّة) فإنّ أمر التمهيد إليها بيد اللّه سبحانه .
وفيما يلي بيان مقتضب لهذه الأنواع الثلاثة للحكمة :

1.تكرّر وصف «الحكيم» مقروناً بصفة «العليم» في القرآن في ۳۶ موضعاً ، كما اقترن مع صفة «العزيز» في ۴۷ موضعاً ، ومع صفة «الخبير» في أربعة مواضع ، ومع كلٍّ من صفة «التوّاب» و«الحميد» و«العليّ» و«الواسع» مرّةً واحدةً .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 209107
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي