243
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

عَلَى الأَحبارِ ۱ ، إذ يَقولُ : «لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّـنِيُّونَ۲وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الاْءِثْمَ»۳ ، وقالَ : «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْرَ ءِيلَ» إلى قَولِهِ : «لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ »۴ ، وإنَّما عابَ اللّهُ ذلِكَ عَلَيهِم لِأَنَّهُم كانوا يَرَونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذينَ بَينَ أظهُرِهِمُ المُنكَرَ وَالفَسادَ فَلا يَنهَونَهُم عَن ذلِكَ ، رَغبَةً فيما كانوا يَنالونَ مِنهُم ، ورَهبَةً مِمّا يَحذَرونَ ، وَاللّهُ يَقولُ : «فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ»۵ ، وقالَ : «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ»۶ .
فَبَدَأَ اللّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ فَريضَةً مِنهُ ، لِعِلمِهِ بِأَنَّها إذا اُدِّيَت واُقيمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ كُلُّها ، هَيِّنُها وصَعبُها ، وذلِكَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ دُعاءٌ إلَى الإِسلامِ مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ومُخالَفَةِ الظّالِمِ ، وقِسمَةِ الفَيءِ وَالغَنائِمِ ، وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ، ووَضعِها في حَقِّها .
ثُمَّ أنتُم أيَّتُهَا العِصابَةُ ، عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ ، وبِالخَيرِ مَذكورَةٌ ، وبِالنَّصيحَةِ مَعروفَةٌ ، وبِاللّهِ في أنفُسِ النّاسِ مَهابَةٌ ، يَهابُكُمُ الشَّريفُ ، ويُكرِمُكُمُ الضَّعيفُ ، ويُؤثِرُكُم مَن لا فَضلَ لَكُم عَلَيهِ ولا يَدَ لَكُم عِندَهُ ، تَشفَعونَ فِي الحَوائِجِ إذَا امتُنِعَت مِن طُلاّبِها ، وتَمشونَ فِي الطَّريقِ بِهَيبَةِ المُلوكِ وكَرامَةِ الأَكابِرِ ، ألَيسَ كُلُّ ذلِكَ إنَّما نِلتُموهُ بِما يُرجى عِندَكُم مِنَ القِيامِ بِحَقِّ اللّهِ ، وإن كُنتُم عَن أكثَرِ حَقِّهِ تُقَصِّرونَ !

1.الحِبر والحَبر : العالِم ، ذمّيّا كانَ أو مسلما ، بعد أن يكون من أهل الكتاب . وقال الجوهري : هو واحِد أحبارِ اليهود ، وبالكسر أفصح (اُنظر لسان العرب : ج ۴ ص ۱۵۷ «حبر») .

2.الرَّبَّاني : المتَألِّهُ العارف باللّه تعالى (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۰ «ربب») .

3.المائدة : ۶۳ .

4.المائدة : ۷۸ و ۷۹ .

5.المائدة : ۴۴ .

6.التوبة : ۷۱ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
242

عَيشٍ كَالمَرعَى الوَبيلِ ۱ ، ألا تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وأنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ ، لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللّهِ مُحِقّا ، فَإِنّي لا أرَى المَوتَ إلاّ سعادَةً ۲ ، ولاَ الحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلاّ بَرَما ۳ . ۴

8 / 2

الرّاضي بِفِعلِ قَومٍ كَالدّاخِلِ مَعَهُم

۳۸۳.مسند أبي يعلى عن يوسف الصبّاغ عن الحسين عليه السلامـ ولا أعلَمُهُ إلاّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ـ: مَن شَهِدَ أمرا فَكَرِهَهُ كانَ كَمَن غابَ عَنهُ ، ومَن غابَ عَن أمرٍ فَرَضِيَ بِهِ كانَ كَمَن شَهِدَهُ . ۵

8 / 3

خُطبَةُ الإِمامِ فِي الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ

۳۸۴.تحف العقول عن الإمام الحسين عليه السلامـ فِي الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، ويُروى عَن أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ـ: اِعتَبِروا أيُّهَا النّاسُ بِما وَعَظَ اللّهُ بِهِ أولِياءَهُ مِن سوءِ ثَنائِهِ

1.الوَبِيلُ من المرعى : الوَخِيمُ ، وأرض وَبِيلةٌ : وَخِيمَةُ المَرتَع وَبِيئَةٌ (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۷۶۹ «وبل») .

2.في المصدر : «شهادة» بدل «سعادة» ، والتصويب من سائر المصادر .

3.بَرَما : مصدر بَرِمَ به إذا سَئِمَهُ وملَّهُ (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۱ «برم») .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۳ ، المعجم الكبير : ج ۳ ص ۱۱۴ ح ۲۸۴۲ عن محمّد بن الحسن ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۷ ؛ الملهوف : ص ۱۳۸ ، تحف العقول : ص ۲۴۵ ، الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۱ عن محمّد بن حسن نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۲ ح ۴ .

5.مسند أبي يعلى : ج ۶ ص ۱۸۲ ح ۶۷۵۲ ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۸۳ ح ۵۶۰۲ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 209173
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي