293
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ ، وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ ، فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ قائِمٌ ، فَقُلتُ :
السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ ، أجِب بِاللّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني ، فَتَقَدَّمتُهُ ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقُلتُ : دونَكَ ها هُوَ !
فَنَظَرَ إلَيهِ ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ ، نَقِيُّ الثِّيابِ ، فَقالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟
فَقالَ لَهُ : مِن بَعضِ العَرَبِ .
فَقالَ لَهُ : ما حالُكَ ، ومِمَّ بُكاؤُكَ وَاستِغاثَتُكَ ؟
فَقالَ : حالُ مَن اُوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُوَ في ضيقٍ ، ارتَهَنَهُ المُصابُ ، وغَمَرَهُ الاِكتِئابُ فَارتابَ ۱ ، فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : ولِمَ ذلِكَ ؟
فَقالَ : لِأَنّي كُنتُ مُلتَهِيا فِي العَرَبِ بِاللَّعبِ وَالطَّرَبِ ، اُديمُ العِصيانَ في رَجَبٍ وشَعبانَ ، وما اُراقِبُ الرَّحمنَ ، وكانَ لي والِدٌ شَفيقٌ يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ ۲ ، ويُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ ، ويَقولُ : كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَالظَّلامُ ، وَاللَّيالي وَالأَيّامُ ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ ، وَالمَلائِكَةُ الكِرامُ . وكانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجَرتُهُ وَانتَهَرتُهُ ، ووَثَبتُ عَلَيهِ وضَرَبتُهُ .
فَعَمَدتُ يَوما إلى شَيءٍ مِنَ الوَرِقِ ۳ وكانَت فِي الخِباءِ ، فَذَهَبتُ لاِخُذَها

1.في بحار الأنوار ج ۴۱ ص ۲۲۵ : «فإن تاب» بدل «فارتاب» .

2.حَدَثانُ الدهر : نُوَبُهُ ، وما يحدث فيه (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۳۲ «حدث») .

3.الوَرْقُ : الدراهم المضروبة ، وفي الوَرْق ثلاث لغات : وَرِق ، ووِرْق ، وَوَرَق (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۶۴ «ورق») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
292

«بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا وَ مُرْسَاهَآ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌرَّحِيمٌ » . ۱

10 / 27

دُعاءُ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ

۴۲۴.مهج الدعوات :مَروِيٌّ عَنِ مَولانَا الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام الدُّعاءُ المَعروفُ بِدُعاءِ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ ، وما رُوِيَ عَن جَماعَةٍ يُسنِدونَ الحَديثَ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام قالَ :
كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام فِي الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ ۲ قَليلَةِ النّورِ ، وقَد خَلاَ الطَّوافُ ، ونامَ الزُّوّارُ ، وهَدَأَتِ العُيونُ ، إذ سَمِعَ مُستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما ۳ ، بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ ، وهُوَ يَقولُ :

يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِيا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوى مَعَ السَّقَمِ
قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوايَدعو ! وعَينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ
هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمييا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ
إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ۴فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ
قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : فَقالَ لي : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أسَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ ، المُستَغيثَ رَبَّهُ ؟ فَقُلتُ : نَعَم ، قَد سَمِعتُهُ .
فَقالَ : اِعتَبِرهُ ۵ عَسى [أن] ۶ تَراهُ .

1.دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۳۴۹ ؛ تفسير القرطبي : ج ۹ ص ۳۷ عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريز .

2.الدُّجى : الظُلْمة (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۳۴ «دجا») .

3.في بحار الأنوار : «مستَرحِما» بدل «مترحّما» وهو الأصحّ .

4.السَّرَفُ : الإغفال والخطأ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۷۳ «سرف») .

5.اعتَبِر : اُنظر وتدَبَّر (اُنظر : لسان العرب : ج ۴ ص ۵۳۱ «عبر») .

6.الزيادة من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 209224
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي