435
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

7 / 17

تاركوا أفضل السَّعادة

أ ـ هَرثَمَةُ بنُ أبي مُسلِمٍ

۷۰۹.الأمالي عن هرثمة بن أبي مسلم :غَزَونا مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام صِفّينَ ، فَلَمَّا انصَرَفنا نَزَلَ كَربَلاءَ فَصَلّى بِهَا الغَداةَ ، ثُمَّ رُفِعَ إلَيهِ مِن تُربَتِها فَشَمَّها ثُمَّ قالَ : «واها لَكِ أيَّتُهَا التُّربَةُ ، لَيُحشَرَنَّ مِنكِ أقوامٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ» .
فَرَجَعَ هَرثَمَةُ إلى زَوجَتِهِ وكانَت شيعَةً لِعَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَ : ألا اُحَدِّثُكِ عَن وَلِيِّكِ أبِي الحَسَنِ ؟ نَزَلَ بِكَربَلاءَ فَصَلّى ، ثُمَّ رُفِعَ إلَيهِ مِن تُربَتِها فَقالَ : واها لَكِ أيَّتُهَا التُّربَةُ ، لَيُحشَرَنَّ مِنكِ أقوامٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ !
قالَت : أيُّهَا الرَّجُلُ ، فَإِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام لَم يَقُل إلاّ حَقّا .
فَلَمّا قَدِمَ الحُسَينُ عليه السلام ، قالَ هَرثَمَةُ : كُنتُ فِي البَعثِ الَّذينَ بَعَثَهُم عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ [لَعَنَهُمُ اللّهُ] ، فَلَمّا رَأَيتُ المَنزِلَ وَالشَّجَرَ ذَكَرتُ الحَديثَ ، فَجَلَستُ عَلى بَعيري ثُمَّ صِرتُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ وأخبَرتُهُ بِما سَمِعتُ مِن أبيهِ في ذلِكَ المَنزِلِ الَّذي نَزَلَ بِهِ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ : مَعَنا أنتَ أم عَلَينا ؟
فَقُلتُ : لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ ، خَلَّفتُ صِبيَةً أخافُ عَلَيهِم عُبَيدَ اللّهِ بنَ زِيادٍ .
قالَ : فَامضِ حَيثُ لا تَرى لَنا مَقتَلاً ولا تَسمَعُ لَنا صَوتا ، فَوَالَّذي نَفسُ الحُسَينِ بِيَدِهِ ، لا يَسمَعُ اليَومَ واعِيَتَنا أحَدٌ فَلا يُعينَنا إلاّ كَبََّهُ اللّهُ لِوَجهِهِ في جَهَنَّمَ . ۱

1.الأمالي للصدوق : ص ۱۹۹ ح ۲۱۳ ، الملاحم والفتن : ص ۳۳۵ ح ۴۸۸ عن هرثمة بن سلمى ، وقعة صفّين : ص ۱۴۰ عن هرثمة بن سليم ، شرح الأخبار : ج ۳ ص ۱۴۱ ح ۱۰۸۳ عن هزيمة بن سلمة ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۵۵ ح ۴ ؛ تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۲۲ عن هرثمة بن سلمى وكلّها نحوه وراجع : المناقب للكوفي : ج ۲ ص ۲۵۱ ح ۷۱۷ والمطالب العالية : ج ۴ ص ۳۲۶ ح ۴۵۱۷ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
434

قالَ : مَن صَدَقَ فِي المَواطِنِ .
ثُمَّ أقبَلَ عليه السلام عَلَى الشَّيخِ فَقالَ : يا شَيخُ ، إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ خَلقا ضَيَّقَ الدُّنيا عَلَيهِم نَظَرا لَهُم ، فَزَهَّدَهُم فيها وفي حُطامِها ، فَرَغِبوا في دارِ السَّلامِ الَّتي دَعاهُم إلَيها ، وصَبَروا عَلى ضيقِ المَعيشَةِ ، وصَبَروا عَلَى المَكروهِ ، وَاشتاقوا إلى ما عِندَ اللّهِ عز و جلمِنَ الكَرامَةِ ، فَبَذَلوا أنفُسَهُمُ ابتِغاءَ رِضوانِ اللّهِ ، وكانَت خاتِمَةُ أعمالِهِمُ الشَّهادَةَ ، فَلَقُوا اللّهَ عز و جل وهُوَ عَنهُم راضٍ ، وعَلِموا أنَّ المَوتَ سَبيلُ مَن مَضى ومَن بَقِيَ ، فَتَزَوَّدوا لاِخِرَتِهِم غَيرَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، ولَبِسُوا الخَشِنَ ، وصَبَروا عَلَى البَلوى ، وقَدَّمُوا الفَضلَ ، وأحَبّوا فِي اللّهِ وأبغَضوا فِي اللّهِ عز و جل ، اُولئِكَ المَصابيحُ وأهلُ النَّعيمِ فِي الآخِرَةِ ، وَالسَّلامُ .
قالَ الشَّيخُ : فَأَينَ أذهَبُ وأدَعُ الجَنَّةَ ، وأنَا أراها وأرى أهلَها مَعَكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟! جَهِّزني بِقُوَّةٍ أتَقَوّى بِها عَلى عَدُوِّكَ .
فَأَعطاهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام سِلاحا وحَمَلَهُ ، وكانَ فِي الحَربِ بَينَ يَدَي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام يَضرِبُ قُدُما ، وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَعجَبُ مِمّا يَصنَعُ ، فَلَمَّا اشتَدَّ الحَربُ أقدَمَ فَرَسَهُ حَتّى قُتِلَ ـ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ ـ وأتبَعَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَوَجَدَهُ صَريعا ، ووَجَدَ دابَّتَهُ ووَجَدَ سَيفَهُ في ذِراعِهِ ، فَلَمَّا انقَضَتِ الحَربُ أتى أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام بِدابَّتِهِ وسِلاحِهِ وصَلّى عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقالَ :
هذا وَاللّهِ السَّعيدُ حَقّا ، فَتَرَحَّموا عَلى أخيكُم . ۱

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۸۱ ح ۵۸۳۳ ، معاني الأخبار : ص ۱۹۸ ح ۴ كلاهما عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۷۶ ح ۱ ، وفي الأمالي للطوسي : ص ۴۳۵ ح ۹۷۴ والأمالي للصدوق : ص ۴۷۷ ح ۶۴۴ عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السلام .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 209344
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي