65
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

قالَ : يا أبا بَكرٍ ، ما أنتَ مِمَّن يُستَغَشُّ ولا يُتَّهَمُ ، فَقُل .
فَقالَ : رَأَيتَ ما صَنَعَ أهلُ العِراقِ بِأَبيكَ وأخيكَ ، وأنتَ تُريدُ أن تَسيرَ إلَيهِم ، وهُم عَبيدُ الدُّنيا ، فَيُقاتِلُكَ مَن قَد وَعَدَكَ أن يَنصُرَكَ ، ويَخذُلُكَ مَن أنتَ أحَبُّ إلَيهِ مِمَّن يَنصُرُهُ ، فَاُذَكِّرُكَ اللّهَ في نَفسِكَ !
فَقالَ : جَزاكَ اللّهُ يَابنَ عَمِّ خَيرا ، فَقَدِ اجتَهَدتَ رَأيَكَ ، ومَهما يَقضِ اللّهُ مِن أمرٍ يَكُن .
فَقالَ أبو بَكرٍ : إنّا للّهِِ ، عِندَ اللّهِ نَحتَسِبُ أبا عَبدِ اللّهِ . ۱

۷۵.تاريخ الطبري عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي :لَمّا قَدِمَت كُتُبُ أهلِ العِراقِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام وتَهَيَّأَ لِلمَسيرِ إلَى العِراقِ ، أتَيتُهُ فَدَخَلتُ عَلَيهِ وهُوَ بِمَكَّةَ ، فَحَمِدتُ اللّهَ وأثنَيتُ عَلَيهِ ، ثُمَّ قُلتُ : أمّا بَعدُ ، فَإِنّي أتَيتُكَ يَابنَ عَمِّ لِحاجَةٍ اُريدُ ذِكرَها لَكَ نَصيحَةً ، فَإِن كُنتَ تَرى أنَّكَ تَستَنصِحُني وإلاّ كَفَفتُ عَمّا اُريدُ أن أقولَ .
فَقالَ : قُل ، فَوَاللّهِ ما أظُنُّكَ بِسَيِّئِ الرَّأيِ ولا هَوٍ ۲ لِلقَبيحِ مِنَ الأَمرِ وَالفِعلِ .
قالَ : قُلتُ لَهُ : إنَّهُ قَد بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ المَسيرَ إلَى العِراقِ ، وإنّي مُشفِقٌ عَلَيكَ مِن مَسيرِكَ ، إنَّكَ تَأتي بَلَدا فيهِ عُمّالُهُ واُمَراؤُهُ ومَعَهُم بُيوتُ الأَموالِ ، وإنَّمَا النّاسُ عَبيدٌ لِهذَا الدِّرهَم وَالدّينارِ ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يُقاتِلَكَ مَن وَعَدَكَ نَصرَهُ ، ومَن أنتَ أحَبُّ إلَيهِ مِمَّن يُقاتِلُكَ مَعَهُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : جَزاكَ اللّهُ خَيرا يَابنَ عَمِّ ، فَقَد وَاللّهِ عَلِمتُ أنَّكَ مَشَيتَ بِنُصحٍ ، وتَكَلَّمتَ بِعَقلٍ ، ومَهما يُقضَ مِن أمرٍ يَكُن ؛ أخَذتُ بِرَأيِكَ أو تَرَكتُهُ ، فَأَنتَ عِندي

1.تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۸ الرقم ۱۳۲۳ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۰۹ ، الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۴۷ .

2.هويت الشيء أهواه : إذا أحببته (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۸۹ «هوى») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
64

3 / 7

المَقضِيُّ هُوَ كائِنٌ

۷۲.الفتوح :سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى نَزَلَ الخُزَيمِيَّةَ ۱ ، وأقامَ بِها يَوما ولَيلَةً . فَلَمّا أصبَحَ أقبَلَت إلَيهِ اُختُهُ زَينَبُ بِنتُ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَت : يا أخي ، ألا اُخبِرُكَ بِشَيءٍ سَمِعتُهُ البارِحَةَ ؟
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وما ذاكَ ؟
فَقالَت : خَرَجتُ في بَعضِ اللَّيلِ لِقَضاءِ حاجَةٍ ، فَسَمِعتُ هاتِفا يَهتِفُ ، وهُوَ يَقولُ :

ألا يا عَينُ فَاحتَفِلي بِجَهدٍومَن يَبكي عَلَى الشُّهداءِ بَعدي
عَلى قَومٍ تَسوقُهُمُ المَنايابِمِقدارٍ إلى إنجازِ وَعدي
فَقالَ لَهَا الحُسَينُ عليه السلام : يا اُختاه ، المَقضِيُّ هُوَ كائِنٌ . ۲

۷۳.الفتوح عن الإمام الحسين عليه السلامـ في جَوابِ عُمَرَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ لَمّا أشارَ إلَيهِ بِعَدَمِ الخُروجِ إلَى العِراقِ ـ: جَزاكَ اللّهُ خَيرا يَابنَ عَمِّ ، فَقَد عَلِمتُ أنَّكَ أمَرتَ بِنُصحٍ ، ومَهما يَقضِي اللّهُ مِن أمرٍ فَهُوَ كائِنٌ ؛ أخَذتُ بِرَأيِكَ أم تَرَكتُهُ . ۳

۷۴.تهذيب الكمال :أتاهُ [الحُسَينَ عليه السلام ] أبو بَكرِ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ الحارِثِ بنِ هِشامٍ ، فَقالَ : يَابنَ عَمِّ ، إنَّ الرَّحِمَ تَظأَرُني ۴ عَلَيكَ ، وما أدري كَيفَ أنَا عِندَكَ فِي النَّصيحَةِ لَكَ ؟

1.الخُزَيميّة : منزل من منازل الحاجّ بعد الثعلبيّة من الكوفة (معجم البلدان : ج ۲ ص ۳۷۰) .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۷۰ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۵ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۵ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۲ .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۶۵ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۰۹ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۶ كلّها نحوه .

4.ظَأَرَني فُلانٌ على أمرِ كَذا ، وأظأرَني : عَطَفَني (تاج العروس : ج ۷ ص ۱۶۰ «ظأر») .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 252217
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي