107
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

لا تخافنّ ؛ فإنّ ذلك لا يكون مني أبدا ، فقال عليه السلام : فلي اللّه عليك بذلك راع وكفيل ؟ قال : نعم ، اللّه لك عليّ بذلك راعٍ وكفيل .

9

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلاموَقَدْ أَرْعَدُوا وَأَبْرَقُوا ، وَمَعَ هذَيْنِ الأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ ؛ وَلَسْنا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ ، وَلاَ نُسِيلُ حَتَّى نُمطِرَ .

الشّرْحُ :

أرعد الرجل وأبرق ، إذا أوعد وتهدّد ، والفَشَل : الجبْن والخوَر .
وقوله : « ولا نَسيلُ حتى نُمْطر » ، يقول : إنَّ أصحاب الجمل في وعيدهم وإجلابهم بمنزلة مَنْ يدّعي أنه يحدث السيل قبل إحداث المطر ، وهذا محال ؛ لأنَّ السَّيْل إنما يكون من المطر ، فكيف يسبق المطر ؟! وأمّا نحن فإنا لا ندَّعي ذلك ، وإنما نُجْرِي الأُمور على حقائقها ، فإنْ كان منّا مطر كان منّا سيل ، وإذا أوقعنا بخصمنا أوعدْنا حينئذٍ بالإيقاع به غيرَه من خصومنا .
وقوله عليه السلام : « ومع هذين الأمْرين الفَشَل » معنىً حسَن ؛ لأنَّ الغالبَ من الجبناء كثرة الضوضاء والجلَبة يوم الحرب ، كما أنَّ الغالبَ من الشجعان الصمت والسكون .

10

الأصْلُ :


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
106

الشّرْحُ :

يجوز أن يكون أشْرَاكا ، جمع شريك ، كشريف وأشراف . ويجوز أن يكون جمع شَرَك ، كَجَبَل وأجبال ، والمعنى بالاعتبارين مختلف . وباض وفَرّخ في صدورهم ، استعارة للوسوسة والإغواء ، ومرادُه طولُ مكثه وإقامته عليهم ؛ لأنّ الطائر لا يبيض ويفرّخ إلاّ في الأعشاش التي هي وطنه ومسكنه . ودبّ ودرج في حُجورهم ، أي ربُّوا الباطل كما يربّي الوالدان الولد في حجورهما . ثم ذكر أنّه لشدة اتحاده بهم وامتزاجه صار كمن ينظر بأعينهم ، وينطق بألسنتِهم ، أي صار الاثنان كالواحد . والخَطل : القول الفاسد . ويجوز : أشرَكه الشيطان في سلطانه ، بالهمزة ، وشركه أيضا ؛ وبغير الهمزة أفصح .

8

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام يعني به الزبير في حال اقتضت ذلكيَزْعَمُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ بِيَدِهِ ، وَلَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِهِ ؛ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ ، وادَّعَى الْوَلِيجَةَ فَلْيَأْتِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ ؛ وَإلاَّ فَلْيَدْخُلْ فِيَما خَرَجَ مِنْهُ .

الشّرْحُ :

الوليجة : البطانة ، والأمر يُسَرّ ويكتَم ، قال اللّه سبحانه : « وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً »۱ . كان الزبير يقول : بايعتُ بيدي لا بقلبي ؛ وكان يدّعي تارة أنّه أُكرِه ، ويدّعي تارة أنّه ورَّى في البيعة تورية ، ونَوَى دخيلهْ ، وأتى بمعاريض لا تُحمل على ظاهرها ، فقال عليه السلام هذا الكلام ، إقرارا منه بالبيعة وادعاء أمر آخر لم يُقِمْ عليه دليلاً ، ولم ينصب له برهانا ، فإمّا أن يقيم دليلاً على فساد البيعة الظاهرة ، وأنها غير لازمة له ، وإمّا أن يعاود طاعته . قال علي عليه السلام للزبير يوم بايعه : إنّي لخائف أن تغدِر بي وتنكث بيعتي ، قال :

1.سورة التوبة ۱۶ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95466
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي