19
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

3 ـ التعريض بالخلفاء السابقين ، وبعض الصحابة ، كالخطبة الشقشقية وغيرها ، وهذا أمر لا يتناسب وواقع الإمام عليه السلام ، أو أنّه يتنافى وعقيدة المشكك ، أو المنكر .
4 ـ كثرة الخطب بما لا يتناسب وحاجة الإمام عليه السلام لمثلها عادة .
5 ـ إطالة بعض الكتب المملوءة بالآراء السياسية ، والإدارية ، والقضائية بما لم يعهد من غيره من الخلفاء ، كعهده لمالك الاشتر رضى الله عنه .
6 ـ ما يظهر في النهج من الإخبار بالمغيبات .
7 ـ اصطباغ بعض محتويات النهج بما لا يتلائم مع عصر الإمام عليه السلام ، كذكره بعض الألفاظ المحدثة ، كلفظه (الأزل) و (الأزلية) ، و(الكيف) ، و(العدم) ، و(الوجود) واستعمال بعض الألفاظ بمصطلحاتها المنطقية أو الفلسفية (كالحدّ) و(العلة) و (المعلول) وغيرها ، والتعرّض لدقائق علم التوحيد ، وأبحاث الرؤية والعدل ، وكلام الخالق وصفاته ووجوده ، التي نشأت بعد عصر الإمام عليه السلام .
8 ـ عدم ملائمة اُسلوبه لزمن الإمام عليه السلام ، بما استعمل فيه من الفنون البديعية ، كالسجع والازدواج ، والطباق ، إلى أمثال ذلك ممّا انتشر في العصر العباسي ، وكدقة الوصف للأشياء ، كوصفه للطاووس ، والخفاش ، والجراد ، والسحاب ، والجنة والنار ، وغيرها .
هذه جملة الشبهات التي أوردوها .
وقبل تناول الشبهات واحدة واحدة ، ينبغي المصير إلى هذه البديهية ؛ وهي أنّ تهافت المشككين في نسبة الكتاب إلى واضعه ، وحدها كافية للتدليل على بطلان دعواهم ، وما زعموه من مينٍ وأقوال متضاربة ، كل واحد منها يكذّب الآخر ، وكل مزعمة تكذّب اُختها . حتى ظهر للمطّلع المنصف على مزاعمهم والمقارن فيما بينها ، والمستقرئ للطريقة التي يرصفون بها دعاواهم ، أنّها تخفي وراءها إحناً وسوء طوية تجاه عترة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم .
أمّا في مقام الردّ على ما أثاروه من ذرّ الغبار في العيون ، وما صنعوا من صخب مائن ، وما ألقوه من حبالٍ وعصيٍّ ؛ لإغواء البسطاء والمقلّدين ، فنقول :
أولاً ـ إنّ خلو الكتب التأريخية والأدبية من أكثر ما في النهج لا ينهض دليلاً على أنّ تلك الخطب غير صادرة عنه عليه السلام ، بعد تواتر نقله عن الرضي رحمه الله ونسبته له ، وتصريح الرضي في جملة من مؤلفاته بنسبته له ، كما جاء في كتاب (حقائق التأويل) قوله : « ... ومن أراد أن


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
18

انتهت مصادر الشريف الرضي التي أوردها في نهج البلاغة .

شبهات حول كتاب نهج البلاغة :

ما أن ظهر كتاب (نهج البلاغة) الذي جمعه الشريف الرضي رحمه الله ، حتى انفتح الباب أمام الأقلام التي حرّكتها وخزات الحقد والشنآن ، فأثارت الشبهات حول مصداقية النهج الشريف ، وصحة نسبته إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فزعمت أنّ جميع ما في النهج أو بعضه هو من تأليف السيد الرضي ، أو هو من تأليف أخيه السيد المرتضى (436 ه) ، أو من تأليفهما معاً ، أو من تأليف قوم من فصحاء الشيعة ، وضعوه ليزيدوا الناس يقيناً بما عرفوه من بلاغة الإمام عليه السلام ، وقوة بيانه ، واقتداره وفصاحته ، وساقوا في معرض الشك مزاعم لا تصمد أمام سلطان العلم والمنطق ، وشواهد الأحوال .
ولعل أول من شكك في صحة ما اُثر في النهج هو ابن خلكان (681 ه) ، فقد تردد في مؤلف النهج ، أهو الشريف الرضي أم المرتضى (رحمهما اللّه ) ؟ فقال : « قد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، هل هو جمعه ، أم جمعه أخيه الرضي ؟ وقد قيل : إنّه ليس من كلام عليّ ، وإنّما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه » ۱ .
ومجمل حجج هؤلاء المنكرين أو المشككين تعود إلى أسباب كثيرة ؛ بعضها يتعلّق بجهة السند ؛ وبعضها الآخر بمضمونه ومحتواه ؛ وبعضها باُسلوبه ، ولعل أكثر الشبهات شهرة وتداولاً هي :
1 ـ خلو الكتب التأريخية والأدبية من أكثر ما في النهج ، أو أنّ أكثره عرض منسوباً في غير النهج لغير الإمام عليه السلام .
2 ـ طول بعض الخطب ، وتعسّر حفظها على الرواة .
وهاتان الشبهتان تتعلقان بالسند .

1.وفيات الأعيان ، ابن خلكان ۳/۳۱۳ ، تحقيق د . إحسان عباس ، دار الثقافة ـ بيروت ، اُفست عن طبعة دار صادر ۱۹۷۲ م .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95564
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي