والغنى ، ومنه ارتاش فلان ، حَسُنت حالُه ، ويكون لفظ « ألبسكم » مجازا إن فُسِّر بذلك . وأرفغَ لكم المعاش ؛ أي جعله رفيغا ، أي واسعا مخصِبا ؛ يقال : رفُغ ـ بالضمّ ـ عيشُه رَفاغة ، اتسع ، فهو رافغ ورفيغ ، وترفّغ الرجل ، وهو في رفاغيَة من العيش ، مخففاً ، مثل « رَفَاهِيَة » و « ثمانية » .
وقوله : « وأحاط بكم الإحصاء » أي أحاط بكم حفظته وملائكته للإحصاء .
قوله : « وأرصد » يعني أعدّ ، وفي الحديث : « إلاّ أن أرصُدَه لديْن عليّ » . وآثرَكم من الإيثار ، وأصله أن تقدِّم غيرَك على نفسك في منفعة أنت قادرٌ على الاختصاص بها وهو في هذا الموضع مجاز مستحسَن . والرِّفَد : جمع رِفْدَة ، مثل كِسْرة وكِسَر ، وفِدْرةٍ وفِدَر . والرِّفدة والرِّفَد واحد ، وهي العطيّة والصِّلَة ورَفدت فلاناً رَفْدا بالفتح ، والمضارع أرفِده بكسر الفاء ، ويجوز « أرفدته » بالهمزة . والروافغ : الواسعة . والحجج البوالغ : الظاهرة المبينة ، قال سبحانه : « فَلِلّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ »۱ . ووظَّف لكم مددا ، أي قدّر ، ومنه وظيفة الطعام .
وقرار خِبْرة بكسر الخاء ، أي دار بلاء واختبار ، تقول : خبرت زيدا أخبرُه خُبْرة ، بالضم فيهما ، وخِبْرة بالكسر إذا بلوته واختبرتَه . ودار عِبْرة أي دار اعتبار واتّعاظ ، والضمير في « فيها » و « عليها » ليس واحدا ، فإنّه في « فيها » يرجع إلى الدار ، وفي « عليها » يرجع إلى النعم والرِّفَدِ ، ويجوز أن يكون الضمير في « عليها » عائدا إلى الدار على حذف المضاف ، أي على سكانها .
الأصْلُ :
۰.فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا ، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا ، يُونِقُ مَنْظَرُهَا ، وَيُوبِقُ مَخْبَرُهَا . غُرُورٌ حَائِلٌ ، وَضَوْءٌ آفِلٌ ، وَظِلٌّ زَائِلٌ ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ ، حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا ، وَاطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا ، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا ، وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا ، وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا ، وَأَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلى ضَنْكِ الْمَضْجَعِ ، وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ ، وَمُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ وَثَوَابِ الْعَمَلِ .