247
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

ضبط الرجُلِ أمرَه . وخشع الرجل ، أي خضع . واقترف : اكتسب ، ومثله قرَف يقرِف بالكسر ، يقال : هو يقرِفُ لعياله ، أي يكسب . ووجِل الرجل : خاف ، وَجَلاً ، بفتح الجيم . وبادر : سارع . وعُبِّر : أي أُرِيَ العِبَر مرارا كثيرة ؛ لأنّ التشديد هاهنا دليل التكثير . فاعتبر ، أي فاتّعظ . والزَّجْر : النهى والمنع ، زُجِر أي منع ، وازدجر مطاوع ازدجر ؛ اللفظ فيهما واحد ، تقول : ازدجرت زيدا عن كذا فازدجر هو ، « ازدُجر فازدجر » ، فلا يحتاج مع هذه الرواية إلى تأويل . وأناب الرجل إلى اللّه ، أي أقبل وتاب . واقتدى بزيد ؛ فعل مثله فعله ، واحتذى مثله .
قوله عليه السلام : « فأفاد ذخِيرة » ، أي فاستفاد ؛ وهو من الأضداد ، أفدت المال زيداً أعطيته إياه ؛ وأفدت أنا مالاً ؛ أي استفدته واكتسبته .
قوله عليه السلام : « فاتقوا اللّه عباد اللّه جهة ما خلقكم له » . نصب « جهة » بفعل مقدر ، تقديره : « واقصدوا جهة ما خلقكم له » يعني العبادة ؛ لأ نّه تعالى قال : « وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُون »۱ . فحذف الفعل ، واستغنى عنه بقوله : « فاتقوا اللّه » ؛ لأنّ التقوى ملازمة لقصد المكلّف العبادة ، فدلّت عليه واستغنى بها عن إظهاره . والكُنْه : الغاية والنهاية ؛ تقول : أعرفه كُنْه المعرفة ؛ أي نهايتها .
ثم قال عليه السلام : « واستحقّوا منه ما أعدّ لكم » ، أي اجعلوا أنفسكم مستحقين لثوابه الذي أعدّه لكم إن أطعتم . والباء في « بالتنجّز » متعلق بـ « استحقوا » ويقال : فلان يتنجّز الحاجة ، أي يستنجحها ويطلب تعجّلها ، والناجز : العاجل ؛ يقال : « ناجزا بناجز » ؛ كقولك : « يدا بيد » أي تعجيلاً بتعجيل ؛ والتنجّز من المكلّفين بصِدق ميعاد القديم سبحانه ؛ وهو مواظبتهم على فعل الواجب ، وتجنُّب القبيح . و « والحذر » مجرور بالعطف على « التنجّز » لا على « الصدق » ؛ لأ نّه لا معنى له .

الأصْلُ :

۰.ومنها جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعا لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا ، وَأَبْصَارا لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا ، وَأَشْلاَءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا ، مُلاَئِمَةً لِأَحْنَائِهَا ، فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا ، وَمُدَدِ عُمُرِهَا ، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ

1.سورة الذاريات ۵۶ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
246

والمقتبِس : متعلّم العلم هاهنا ، ولابدّ له من أناة ومَهَل ليبلغُ حاجتَه ، فضرب مثلاً ، وجاء في بعض الروايات : « ومقبوضون اختضارا » بالخاء المعجمة ؛ وهو موت الشاب غَضّا أخضر ، أي مات شابا ، وكان فتيان يقولون لشيخ : أجززت يا أبا فلان ، فيقول : أيْ بنيّ ، وتختَضرون ! أجزّ الحشيش : آن أنْ يُجزَّ ، ومنه قيل للشيخ كاد يموت : قد أجَزَّ ، والرواية الأُولى أحسن ؛ لأنها أعمّ .
وفي رواية « لمضمار الخيار » ، أي للمضمار الذي يستبِق فيه الأبرار الأتقياء إلى رضوان اللّه سبحانه .

الأصْلُ :

۰.فَيَالَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً ، وَمَواعِظَ شَافِيَةً ، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوبا زَاكِيَةً ، وَأَسْمَاعا وَاعِيَةً ، وَآرَاءً عَازِمَةً ، وَأَلْبَابا حَازِمَةً!
فَاتَّقُوا اللّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ ، وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ ، وَأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ ، وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَحُذِّرَ فَحَذِرَ ، وَزُجِرَ فَازْدَجَرَ ، وَأَجَابَ فَأَنَابَ ، وَرَاجَعَ فَتَابَ ، وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى ، وَأُرِيَ فَرَأَى ، فَأَسْرَعَ طَالِبا ، وَنَجَا هَارِبا ، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً ، وَأَطَابَ سَرِيرَةً ، وَعَمَّرَ مَعَادا ، وَاسْتَظْهَرَ زَادا ، لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَوَجْهِ سَبِيلِهِ ، وَحَالِ حَاجَتِهِ ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ ، وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ .
فَاتَّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، وَاسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ ، وَالْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ .

الشّرْحُ :

صائبة : غير عادلة عن الصواب ، صاب السهم يصوبُ صَوْبَةً ، أي قصد ولم يَجُرْ ، وصاب السهمُ القرْطاسَ يَصِيبه صَبْيا لغة في « أصابه » ، وفي المثل : مع الخواطئ سهم صائب . وشافية : تبرئ من مرض الجهل والهوى . والقلوب الزاكية : الطاهرة ، والأسماع الواعية : الحافظة . والآراء العازمة : ذات العزم . والألباب : العقول . والحازمة : ذات الحَزْم ، والحزْم :

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95714
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي