وعميم فضلك ، كأنه قال : في نعمه المجلِّلَة ؛ وكذلك القول في موجبات مِننه ، أي في مننه التي توجب الشُّكر . وفي هاهنا متعلقة بمحذوف ، والموضع نصب على الحال . ثم قال : « وحواجز عافيته » ، الحواجز : الموانع ، أي في عافية تحجز وتمنع عنكم المضارّ . ويروى « وحواجز بَلِيَّتِه » ، وقد فسر قوله : « حواجز عافيته » ؛ على أن يراد به ما يحجز العافية ويمنعها عن الزوال والعدم .
قوله عليه السلام : « من مستمتَع خَلاقهم » ، الخلاق : النصيب ، قال تعالى : « وَمَا لَهُ فِيالآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ »۱ ، وقال تعالى : « فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ »۲ ،وتقدير الكلام : خلّف لكم عِبَرا من القرون السالفة ، منها تمتّعهم بنصيبهم من الدنيا ثمّ فناؤهم ، ومنها فسحة خناقهم ۳ وطول إمهالهم ، ثم كانت عاقبتهم الهلكة .
وأرهقتهم المنايا : أدركتهم مسرعة . والمرهَق : الذي أدرك ليقتل . وشذّبهم عنها : قطعهم وفرقهم ؛ من تشذيب الشجرة ؛ وهو تقشيرها . وتخرّمت زيد المنية : استأصلته واقتطعته .
ثم قال : « لم يمهدوا في سلامة الأبدان » ، أي لم يمهدوا لأنفسهم ؛ من تمهيد الأُمور وهو تسويتها وإصلاحها . وأنُف الأوان : أوله ، يقال : روضةٌ أُنُف لم تُرْعَ قبل ، وكأس أُنُف : لم يُشْرَب بها قَبْلُ .
الأصْلُ :
۰.فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بِضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ الْهَرَمِ ؟ وَأَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ ؟ وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ الْفَنَاءِ ؟ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ ، وَأُزُوفِ الاِنْتِقَالِ ، وَ وَعَلَزِ الْقَلَقِ وَأَلَمِ الْمَضَضِ ، وَغُصَصِ الْجَرَضِ وَتَلَفُّتِ الاِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَالْأَقْرِبَاءِ ، وَالْأَعِزَّةِ وَالْقُرَنَاءِ ! فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارِبُ ؟ أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ؟ وَقَدْ غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ الْأَمْوَاتِ رَهِينا ، وَفِي ضِيقِ الْمَضْجَعِ وَحِيدا ، قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ ،