251
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

هامّة ؛ وهي ما يخاف ضرره من الأحناش ۱ ؛ كالعقارب والعناكب ونحوها . والنواهك : جمع ناهكة وهي ما ينهَك البدن ، أي يبليه . وعَفَتْ : دَرَست ، ويروى بالتشديد . وشَحِبة : هالكة ، والشَّحَب : الهلاك ، شحِب الرجل بالكسر ، يَشْحَب ، وجاء شَحَب ، بالفتح يشحُبُ بالضم ؛ أي هلك ؛ وشَحَبه اللّه يشحُبه ، يتعدّى ولا يتعدى . ونَخِرَة : بالية . والأعباء : الأثقال ، واحدها عِبْ ء .
وقال : « موقنة بغيب أنبائها » ؛ لأنّ الميت يعلم بعد موته ما يصير إليه حاله من جنّة أو نار . ثم قال : إنها لا تكلف بعد ذلك زيادة في العمل الصالح ، ولا يطلب منها التوبة من العمل القبيح ؛ لأنّ التكليف قد بطل .

الأصْلُ :

۰.أَوَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَالآبَاءَ ، وَإِخْوَانَهُمْ وَالْأَقْرِبَاءَ ؟ تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ ، وَتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُم ، وَتَطَؤُونَ جَادَّتَهُمْ ؟! فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا ، لاَهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا ، سَالِكَةٌ في غَيْرِ مِضْمَارِهَا ! كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا ، وَكَأَنَّ الرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْيَاهَا .

الشّرْحُ :

القِدّة ، بالدال المهملة وبكسر القاف : الطريقة ، ويقال لكل فِرْقة من الناس إذا كانت ذات هَوىً على حدة : قِدّة ، ومنه قوله تعالى : « كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدا »۲ ، ومن رواه : « ويركبون قُذّتهم » بالذال المعجمة وضم القاف أراد الواحدة من قُذذ السهم ؛ وهي ريشه ، يقال : حذوَ القُذّة بالقُذّة ، ويكون معنى : « وتركبون قُذّتهم » ؛ تقتفون آثارهم وتُشابهون بهم في أفعالهم . ثم قال : وتطئون جادّتهم ؛ وهذه لفظة فصيحة جدا .
ثم ذكر قساوة القلوب وضلالها عن رشدها ، وقال : « كأنّ المعنيّ سواها » ؛ هذا مثل قول النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : « كأنّ الموت فيها على غيرنا كُتِب ، وكأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب » .

1.الأحناش : جمع حَنَش ، نوع من الحيّات ، أو كل ما أشبه رأسه رأس الحيّات .

2.سورة الجن ۱۱ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
250

وَأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ ، وَعَفَتِ الْعَواصِفُ آثَارَهُ ، وَمَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ ، وَصَارَتِ الْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا ، وَالْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا ، وَالْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا ، مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا ، لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا ، وَلاَ تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَيِّئ زَلَلِهَا!

الشّرْحُ :

البَضَاضة : مصدر ، من بضَضت يا رجُل ، بضِضت ، بالفتح والكسر بضاضةً وبضُوضة ، ورجل بَضّ ، أي ممتلئ البدن رقيق الجلد ، وامرأة بَضّة . وحواني الهرم : جمع حانية ؛ وهي العلّة التي تَحْنِي شِطَاط ۱ الجسد ، وتميله عن الاستقامة . والهرَم : الكبَر . والغضارة : طيب العيش ، ومنه المثل : أباد اللّه غضراءهم ، أي خيرهم وخِصْبهم . وآونة الفناء جمع أوَان ؛ وهو الحَيْن ، كزمان وأزمنة ، وفلان يصنع ذلك الأمر آونة كقولك : تارات ، أي يصنعه مرارا ويَدَعه مرارا . والزِّيال : مصدر زايله مزايلة وزِيالاً ، أي فارقه . والأزوف : مصدر أزِف ، أي دنا . والعَلَز : قلق وخِفّة وهلع يصيب الإنسان ، وقد عَلِز بالكسر ، وبات عَلِزا ، أي وجعا قلقا . والمضض : الوجع ، أمضَّنِي الجرح ومَضَّني ؛ لغتان ، وقد مَضِضْت يا رجل ، بالكسر . والغُصَص : جمع غُصَّة ، وهي الشجا ، والغَصَص بالفتح : مصدر قولك غَصِصت يا رجل تَغصّ بالطعام ، فأَنت غاصٌّ وغصَّان ، وأغصصتُه أنا . والجرِيض : الرِّيق يغصّ به ؛ جَرَض بريقه بالفتح ، يَجْرِض بالكسر ، مثل كَسَر يكسِر ؛ وهو أن يبلع ريقه على همٍّ وحزن بالجهد . والجريض : الغُصّة ، وفي المثل : « حال الجرِيض دون القريض » ؛ وفلان يجرَض بنفسه إذا كان يموت ، وأجرضه اللّه بريقه أغصّه . والحفَدة : الأعوان والخدم ، وقيل : ولد الولد ، واحدهم حافد ؛ والباء في « بنُصرة الحَفدة » متعلّق بالاستعانة ؛ يقول : إن الميّت عند نزول الأمر به يتلفّت مستغيثا بنصرة أهله وولده ، أي يستنصُر يستصرخ بهم . والنّواحب : جمع ناحبة ، وهي الرافعة صوتها بالبكاء ، ويروى : «النوادب» . والهوامّ : جمع

1.الشطاط ، بالفتح والكسر : الطول واعتدال القوام .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95697
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي