349
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

اللجام من الدابة ، وهو الفم . ورجفت بهم : تحرّكت واضطربت ، رجف يرجُفُ بالضم ؛ والرّجفة : الزلزلة . والرجّاف من أسماء البحر ؛ سمّي بذلك لاضطرابه .
ثم وصف الزحام الشديد الذي يكون هناك ، فقال : أحسنُ الناس حالاً هناك منْ وَجَد لقدميْه موضعاً ، ومَنْ وجد مكاناً يسعه .

الأصْلُ :

۰.ومنها :فِتَنٌ كَقِطَعِ الْلَّيْلِ الْمُظلِمِ ، لاَ تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ ، وَلاَ تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ ، تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً : يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا ، وَيَجْهَدُهَا رَاكِبُهَا ، أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ ، يُجَاهِدُهُمْ فِي اللّهِ قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، فِي الْأَرْض مَجْهُولُونَ ، وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ . فَوَيْلٌ لَكِ يَا بَصْرَةُ عِنْدَ ذلِكَ ، مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللّهِ ! لاَ رَهَجَ لَهُ ، وَلاَ حَسَّ ، وَسَيُبْتَلَى أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الْأَحْمَرِ ، وَالْجُوعِ الْأَغْبَرِ!

الشّرْحُ :

قطع الليل : جمع قِطْع ، وهو الظلمة ، قال تعالى : « فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيلِ»۱ .
قوله : « لا تقوم لها قائمة » ، أي لا تنهض بحربها فئة ناهضة ، أو لا تقوم لتلك الفتن قائمة من قوائم الخيل ، يعني لا سبيل إلى قتال أهلها ، ولا يقوم لها قلعة قائمة أو بنيَّة قائمة بل تنهدم .
قوله : « ولا يردّ لها راية » ، أي لا تنهزم ولا تفرّ ؛ لأنها إذا فرّت فقد رُدّتْ على أعقابها.
قوله : « مزمومة مرحولة » ، أي تامّة الأدوات كاملة الآلات ، كالناقة التي عليها رَحْلها وزمامها قد استعدّت لأنّ تُركب . يحفزها : يدفعها . ويجهَدها : يحمل عليها في السَّيْر فوق طاقتها ، جَهَدتْ دابّتي ، بالفتح ، ويجوز : أجهدت ، والمراد أنّ أربَاب تلك الفتن يجتهدون ويجدّون في إضرام نارها ، رجلاً وفرساناً ، فالرّجل كنّى عنهم بالقائد ، والفرسان كنّى عنهم

1.سورة هود ۸۱ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
348

والمراد من قوله : « من الأيام » ، ثم قال : « ومن الليالي » أنّ هذه الفتنة مستمرة الزمان كلّه ؛ لأنّ الزمان ليس إلاّ النهار والليل . وأينع الزرع : أدرك ونضج ؛ وهو الينَعْ واليُنْع ، بالفتح والضم ؛ مثل النَّضج والنُّضج . وقوله عليه السلام : « وقام على ينعه » الأحسن أن يكون « ينع » هاهنا جمع يانع كصاحب وصَحْب ، ذكر ذلك ابن كَيْسان ؛ ويجوز أن يكون أراد المصدر ، أي وقام على صفة وحالة هي نضجه وإدراكه . وهدرت شقاشِقه ، قد مرّ تفسيره في الشِّقشقية وبرقت بوارقه : سيوفه ورماحه . والمعضلة : العسرة العلاج داء معضل . ويخرق الكوفة : يقطعها . والقاصف : الريح القوية تكسِر كلّ ما تمر عليه وتقصفه .
ثم وعد عليه السلام بظهور دولة أُخرى ، فقال : « وعن قليل تلتفّ القرون بالقرون » ، وهذا كناية عن الدولة العباسية التي ظهرت على دولة بني أُميّة . والقُرون : الأجيال من الناس ، واحدها قَرنْ ، بالفتح . ويحصَد القائم ، ويَحْطِم المحصود : كناية عن قتل الأُمراء من بني أُميّة في الحرب ، ثم قتل المأسورين منهم صَبْرا ، فحصْد القائم قتل المحاربة ، وحَطمْ الحصِيد : القتل صبراً ، وهكذا وقعت الحال مع عبد اللّه بن علي ، وأبي العباس السفاح .

101

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام تجري هذا المجرىوَذلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لِنِقَاش الْحِسَابِ وَجَزَاءِ الْأَعْمَالِ ، خُضُوعاً ، قِياماً ، قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ ، وَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ ، فَأَحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ وَجَدَ لِقَدَمَيْهِ مَوْضِعاً ، وَلِنَفْسِهِ مُتَّسَعاً .

الشّرْحُ :

هذا شرح حال يوم القيامة ، والنّقاش : مصدر ناقش ، أي استقصى في الحساب ، وفي الحديث : « من نوقش الحساب عذّب » . وألجمهم العَرق : سال منهم حتى بلغ إلى موضع

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95514
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي