517
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

رواه أحمد في « المسند » وفي كتاب فضائل علي عليه السلام ، وذكره صاحب كتاب الفردوس ، وزاد فيه : « ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب ، فكان لي النبوّة ولعليّالوصية » .
والحديث الحادي والعشرون : دعا صلى الله عليه و آله وسلم عليّا في غزاة الطائف ، فانتجاه ، وأطال نجواه حتى كرِه قوم من الصحابة ، ذلك ، فقال قائل منهم : لقد أطال اليَوم نَجْوى ابنِ عمّه ، فبلغه عليه الصلاة والسلام ذلك فجمع منهم قوما ، ثم قال : « إنّ قائلاً قال : لقد أطالَ اليوم نجوى ابن عمّه ، أما إني ما انتجيتُه ؛ ولكن اللّه انتجاه » .
رواه أحمد رحمه الله في « المسند » . انظر شرح النهج / ج9 : 166 ـ 174 ثم أنّ ابن أبي الحديدأردف قائلاً : فأردنا بإيراد هذه الأخبار هاهنا عند تفسير قوله : « نحن الشعار والأصحاب ، ونحن الخزنة والأبواب » ، أن ننبِّه عَلَى عِظَم منزلته عند الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ، وأنّ من قيل في حقه ما قيل لو رقى إلى السماء ، وعَرَج في الهواء ، وفخر عَلَى الملائكَة والأنبياء ، تعظما وتبجّحا ؛ لم يكن ملوما ، بل كان بذلك جديرا ؛ فكيف وهو عليه السلام لم يسلك قطّ مسلك التعظّم والتكبّر في شيء من أقواله ولا من أفعاله ؛ وكان ألطف البشر خلقاً ، وأكرمهم طبعاً ، وأشدّهم تواضعاً ، وأكثرهم احتمالاً ، وأحسنهم بِشْرا ، وأطلقهم وجها ؛ حتى نسبه من نسبه إلى الدُّعابة والمزاح ، وهما خُلُقان ينافيان التكبّر والاستطالة ؛ وإنما كان يذكر أحياناً ما يذكره من هذا النوع ، نَفْثَة مصدُور ، وشكوى مكروب ، وتنفّس مهموم ؛ ولا يقصِد به إذا ذكره إلاّ شكر النعمة ، وتنبيه الغافل عَلَى ما خصّه اللّه به من الفضيلة ، فإنَّ ذلك من باب الأمر بالمعروف ، والحضّ عَلَى اعتقاد الحقّ والصواب في أمره ، والنهي عن المنكر الذي هو تقديم غيره عليه في الفضل ؛ فقد نهى اللّه سبحانه عن ذلك فقال : « أَفَمَنْ يَهْدِي إلَى الْحَقّ أحَقُّ أَنْ يُتَّبَع أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ »۱ .

الأصْلُ :

۰.منها :فِيهِمْ كَرَائِمُ الإيمَانِ ، وَهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ .إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا ، وَإِنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا . فَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ ، وَلْيُحْضِرْ عَقْلَهُ ، وَلْيَكُنْ مِنْ أَبْنَاءِ الاْخِرَةِ ، فَإِنَّهُ مِنْهَا قَدِمَ ،

1.سورة يونس ۳۵ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
516

السارق ، وأمّا الباطن فلأنّ مَنْ طلَب العلم من غير أستاذ محقّق فلم يأتِهِ من بابه ؛ فهو أشبه شيء بالسارق .
واعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لو فخرَ بنفسه ، وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته ؛ التي آتاه اللّه تعالى إياها ، واختصّه بها ، وساعده على ذلك فُصحاء العرب كافّة ؛ لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات اللّه عليه في أمره ؛ ولستُ أعني بذلك الأخبارَ العامّة الشائعة التي يحتجّ بها الإماميَّة على إمامته ، كخبر الغدير ، والمنزلة ، وقصّة براءة ، وخبر المناجاة ، وقصّة خيبر ، وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة ، ونحو ذلك ۱ ، بل الأخبار الخاصّة التي رواها فيه أئمة الحديث ، التي لم يحصل أقلّ القليل منها لغيره ؛ وأنا أذكر من ذلك شيئاً يسيراً مما رواه علماء الحديث الذين لا يُتَّهمون فيه ، وجلّهم قائلون بتفضيل غيره عليه ، فروايتهم فضائلَه توجب من سكونِ النفس ما لا يوجبه رواية غيرهم .
[ثم إن ابن أبي الحديد ذكر 24 حديثا عن أئمة الحديث عندهم ، نكتفي منها بثلاثة أحاديث تعكس منزلة الإمام عليه السلام وعظمته وحقّانيّته ومظلوميّته عليه السلام ] :
الخبر التاسع : « يا أنَس ، اسكب لي وضوءا » ، ثم قام فصلّى ركعتين ، ثم قال : « أوّل من يدخل عليك من هذا الباب إمام المتّقين ، وسيّد المسلمين ، ويعسوب الدين ، وخاتم الوصيين وقائد الغرّ المحجّلين » . قال أنس : فقلت : اللّهمّ اجعله رجلاً من الأنصار ، [وكتمت] دعوتي ، فجاء عليّ ، فقال : صلى الله عليه و آله وسلم : « مَنْ جاء يا أنس » ؟ فقلت : عليّ ؛ فقام إليه مستبشرا ، فاعتنقه ، ثم جعل يمسحُ عرق وجهه . فقال عليّ : يا رسول اللّه ، صلّى اللّه عليك وآلك ؛ لقد رأيت منك اليوم تصنع بي شيئا ما صنعته بي قبل ! قال : « وما يمنعني وأنت تؤدّي عني ، وتُسمعُهم صوتي ، وتُبيِّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي ! » .
رواه أبو نعيم الحافظ في « حلية الأولياء » .
والخبر الرابع عشر : « كنت أنا وعليّ نورا بين يدي اللّه عزّوجلّ قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خَلَق آدم قسّم ذلك فيه وجعله جزأين ، فجزء أنا ، وجزء عليّ » .

1.لعل ابن أبي الحديد أراد أن يوهم القارئ بأنّ الأخبار الدالة على إمامته عليه السلام والتي عدّد قسماً منها ، كحديث الغدير ، والمنزلة ، وقصّة براءة ، وخبر المناجاة ، وقصّة خيبر ، وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة ، ونحو ذلك ، والتي يحتجّ بها الإمامية على إمامته عليه السلام ، أراد أن يوهم أنها لم يروها أئمة حديث أهل السنّة . بلى ، فقد رووها ورووا غيرها من الأحاديث الأربعة والعشرين التي أوردها هنا .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95629
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي