الأصْلُ :
۰.وَمِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُوسُ الَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ ، وَنَضَّدَ ألوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضِيدٍ ، بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ ، وَذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ . إِذَا دَرَجَ إِلَى الْأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَيِّهِ ، وَسَمَا بِهِ مُطِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ ، عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ . يَخْتَالُ بِألوَانِهِ ، وَيَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ . يُفْضِي كَإِفْضَاءِ الدِّيَكَةِ ، وَيَؤرُّ بِمَلاَقِحِهِ أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ لِلضِّرَابِ . أُحِيلُكَ مِنْ ذلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ ، لاَ كَمَنْ يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُهُ . وَلَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ ، فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَي جُفُونِهِ ، وأَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذلِكَ ، ثُمَّ تَبِيضُ لاَ مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ ، لَمَا كَانَ ذلِكَ بَأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ!
الشّرْحُ :
الطاووس : فاعول ، كالهاضوم ، والكابوس ، وترخيمُه « طُوَيس » . ونضّد : رتَّب . قوله : « أشرج قصبَه » ، القصب هاهنا : عروق الجناح . وغضاريفه : عظامه الصغار ، وأشرَجها : ركّب بعضها في بعض كما تُشرَج العيبة ، أي يداخِلُ بين أشراجها وهي عُراها ، واحدها شَرَج ، بالتحريك . ثم ذكر ذَنَب الطاووس ، وأ نّه طويل المسحَب ، وأنّ الطاووس إذا دَرَج إلى الأُنثى للسِّفاد نَشَر ذَنَبه من طَيِّه ، وعَلاَ بِهِ مرتفعا على رأسه . والقَلْع : شِراع السفينة ، وجمعه قِلاع . والدّاريّ : جالب العطر في البحر من دَارِين ؛ وهي فُرْضة بالبحرين ، فيها سُوقٌ يحمل إليها المسْك من الهند ، وفي الحديث : « الجليس الصالح كالدّارِيّ ، إن لم يُحْذِك من عطره علقَك من ريحه » . والنُّوتي : الملاّح ؛ وجمعه نواتيّ . وعَنَجه : عَطَفه ، وعَنَجْت خِطام البعير ، رددته على رجْليه ، أعنُجُه بالضمّ ، والاسم العَنَج ، بالتحريك ؛ وفي المثل « عَوْدةٌ يُعَلَّم الْعَنْج » ۱ يضرب مثلاً لتعليم الحاذق . ويختال ،