563
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

سِرْبَالِهِ ، وَأَصَابِيغِ وِشَاحِهِ ؛ فَإِذَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى قَوَائِمِهِ زَقَا مُعْوِلاً بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِينُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ ، وَيَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ ؛ لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حُمْشٌ كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلاَسِيَّةِ .

الشّرْحُ :

قَصَبُه : عظام أجنحته ، والمَدارِي جمع مِدْرَى ؛ وهو في الأصل القَرْن . وكذلك المِدْرَاة ؛ ويقال المِدْرَى لشيء كالمِسَلّة تصلِحُ بها الماشطة شُعُور النساء . وتمدّرت المرأة ، أي سَرّحت شَعْرَها . شبّه عظام أجنحة الطاوس بمدارَى من فضّة لبياضها ؛ وشبّه ما أنبت اللّه عليها من تلك الدّارات والشموس الَّتِي في الرِّيش بخالِصِ العِقْيان ؛ وهو الذّهب . وَفِلَذ الزَّبرْجَد : جمع فِلْذَة ، وهي القطعة . والزّبَرْجد : هذا الجوهر الذي تسمّيه الناس البلخش . ثم قال : إن شبّهتَه بنبات الأرض قلت : إنه قد جُنِيَ من زهرة كلّ ربيع في الأرض ؛ لاختلاف ألوانه وأصباغه .
وإنْ ضاهيتَه بالملابس ، المضاهاة : المشاكلة ، يُهمز ولا يهمز ، وقرئ : « يُضَاهُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا »۱ ، « وَيُضَاهِئُونَ » ؛ وهذا ضَهِيّ هذا ، على « فَعِيل » ، أي شبيهه . وموْشِيَ الحُلَل : ما دُبّج بالوشي ؛ وهو الأرقم الملوّن . والعَصْب : بُرود اليمن . والحُلِيّ : جمع حَلْي وهو ما تلبسه المرأة من الذهب والفضّة ، مثل ثدِيّ وثَدْي ، ووزنه « فُعول » ، وقد تكسر الحاء لمكان الياء ، مثل « عِصِيّ » . وقرئ : « مِنْ حُلِيِّهِمْ »۲ بالضمّ والكسر .
ونطِّقَتْ باللّجين ؛ جعلت الفضّة كالنِّطاق لها . والمكَلّل : ذو الإكليل . وزَقَا : صَوّت ، يزقو زَقْوا وزقيا وزُقاء ، وكلُّ صائح زاقٍ . والزَّقْية : الصَّيْحة ؛ وهو أثقلُ من الزَّواقي ، أي الدّيكة ؛ لأنهم كانوا يسمُرون ، فإذا صاحت الدِّيَكة تفرّقوا . ومُعوِلاً : صارخاً ، أعولت الفرس صوّتت ، ومنه العَويل والعَوْلة . وقوائمه حُمْش : دِقاق ؛ وهو أحمش السَّاقَيْن وحَمْش الساقين بالتَّسكين ؛ وقد حمِشت قوائمه ، أي دَقّت . وتقول العرب للغلام إذا كانت أمّه بيضاء وأبوه عربيا : آدم ، فجاء لونه بين لونيهما . خِلاسيّ ، بالكسر والأُنثى خِلاسيَّة وقال اللّيث : الدِّيَكة الخِلاسيَّة ، هي المتولّدة من الدجاج الهنديّ والفارسيّ .

1.سورة التوبة ۳۰ .

2.سورة الأعراف ۱۴۸ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
562

من الخُيَلاء وهي العُجْب . ويميس : يتبختر . وَزَيفانه : تبختره ، زافَ يزيف ، ومنه ناقة زيّافة ، أي مُختالة . وكذلك ذكر الحمام عند الحمامة إذا جَرّ الذُّنابي ، ودفع مقدّمه بمؤخره واستدار عليها .
ويفضي : يسفِد . والدِّيَكة جمع ديك ، كالقرَطة والجِحَرَة جمع قُرْط وجُحْر . ويؤرّ : يسفِد ؛ والأرّ : الجماع ، ورجل آرّ كثير الجماع . ومَلاقحه : أدوات اللقاح وأعضاؤه ؛ وهي آلات التناسل . قوله : « أرّ الفُحول » ، أي أرّا مثل أرّ الفحول ذات الغلْمة والشَّبق . ثم ذكر أنه لم يقل ذلك عن إسناد قد يضعّف ويتداخله الطعن ، بل قال ذلك عن عيان ومشاهدة .
فإن قلت : من أين للمدينة طواويس ؟ وأين العرب وهذا الطائر حتى يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « أحيلك من ذلك على معاينة » ؛ لا سيما وهو يعني السِّفاد ، ورؤية ذلك لمن تكثُر الطواويس في داره ويطول مكثُها عنده نادرة!
قلت : لم يشاهد أميرُ المؤمنين عليه السلام الطواويسَ بالمدينة بل بالكوفة ، وكانت يومئذٍ تجبى إليها ثمرات كلِّ شيء ، وتأتي إليها هدايا الملوك من الآفاق ، ورؤية المسافدة مع وجود الذّكر والأُنثى غير مستبعَدة .
والضّفّتان ، بفتح الضاد : الجانبان ، وهما ضفتا النّهر ، وقد جاء ذلك بالكسر أيضا ، والفتح أفصح . والمنبجس : المنفجر . ويسفحها : يصبها ، وروي : « تنشجها مدامعه » ؛ من النّشيج ، وهو صوت الماء وغَلَيانه من زِقّ أو حُبّ أو قِدْر .

الأصْلُ :

۰.تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِيَ مِنْ فِضَّةٍ ، وَمَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِهِ ، وَشُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْيَانِ ، وَفِلَذَ الزَّبَرْجَدِ . فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ : جَنِيٌّ جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ . وَإِنْ ضَاهَيْتَهُ بِالْمَلاَبِسِ فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ ، أَوْ كَمُونِقِ عَصْبِ اليَمَنِ . وَإِنْ شَاكَلْتَهُ بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ ألوَانٍ ، قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَيْنِ الْمُكَلَّلِ .
يَمْشِي مَشْيَ الْمَرِحِ الْمُـخْتَالِ ، وَيَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَجَنَاحَيْهِ ، فَيُقَهْقِهُ ضَاحِكاً لِجَمَالِ

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95669
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي