عليهم بما في تصارِيف الدنيا ؛ من الصحّة والسّقم ، وما أحلّ وما حرّم على طريق الابتلاء . ثم قال : « وما أعدّ اللّه سبحانه للمطيعين منهم والعصاة » ، يجوز أن تكون « ما » معطوفة على « عيوبها » ، فيكون موضعها نصبا ، ويجوز أن يكون موضعها جرّا ، ويكون من تتمّة أقسام ما يُعتَبَر به ، والأوّل أحسن .
ثم قال عليه السلام : إني أحمد اللّه كما استحمد إلى خلقه، استحمد إليهم فعلَ ما يوجب عليهم حمده . ثم قال : إنّه سبحانه جعل لكل شيء من أفعاله قَدْرا ، أي فعله مقدَّرا محدود الغرض ، اقتضى ذلك القدر وتلك الكيفية ، كما قال سبحانه : « وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بمقْدَارٍ»۱ . وجعل لكل شيء مقدّر وقتا ينتهي إليه وينقطع عنده ؛ وهو الأجَل . ولكلّ أجل كتاباً ، أي رُقوما تعرفها الملائكة ، فتعلم انقضاء عمر مَنْ ينقضي عمره ، وعَدَم ما ألطافهُم في معرفة عدمه .
الأصْلُ :
۰.منها في ذكر القرآن :فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ . حُجَّةُ اللّهِ عَلَى خَلْقِهِ . أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ ، وَارْتَهَنَ عَلَيهِ أَنْفُسَهُمْ ؛ أَتَمَّ نُورَهُ ، وَأَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ ، وَقَبَضَ نَبِيَّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ . فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلاَّ وَجَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً ، وَآيَةً مُحْكَمَةً ، تَزْجُرُ عَنْهُ ، أَوْ تَدْعُو إِلَيْهِ ، فَرِضَاهُ فِيَما بَقِيَ وَاحِدٌ ، وَسَخَطُهُ فِيَما بَقِيَ وَاحِدٌ . وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيءٍ سَخِطَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُم ، وَلَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . وَإِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ ، وَتَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ . قَدْ كَفَاكُمْ مَؤُونَةَ دُنْيَاكُمْ ، وَحَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ ، وَافْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ .
وَأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى ، وَجَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَحَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ . فَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أَنْتُمْ