الأصْلُ :
۰.ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَارا أَرْغَدَ فِيها عِيشَتَهُ ، وَآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ ، وَحَذَّرَهُ إبْلِيسَ وَعَدَاوَتَهُ ، فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ ، وَمُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِفَباعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ ، وَالْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ ، وَاسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلاً وَبِالاِغْتِرَارِ نَدَما ۱ .
ثُمَّ بَسَطَ اللّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ في تَوْبَتِهِ ، وَلقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ ، وَوَعَدَهُ الْمَرَدَّ إلَى جَنَّتِهِ ، وَأهْبَطَهُ إلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ ، وَتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ .
الشّرْحُ :
أمّا الألفاظ فظاهرة ، والمعاني أظهر ، وفيها ما يسأل عنه :
فمنها أن يقال : الفاء في قوله عليه السلام : « فأهبطه » تقتضي أن تكون التوبة على آدم قبل هبوطه من الجنة!
والجواب : إنّ ذلك أحد قولي المفسرين، ويعضده قوله تعالى: « وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى *ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وهَدَى * قَالَ اهبِطَا مِنْهَا »۲ ، فجعل الهبوط بعد قبول التوبة .
ومنها أن يقال : إذا كان تعالى قد طَرَدَ إبليس عن الجنة لما أبَى السجود ، فكيف توصّل إلى آدم وهو في الجنة حتى استنزَله عنها بتحسين أكل الشجرة له ؟!
الجواب : إنّه يجوز أن يكون إنما مُنِع من دخول الجنة على وجه التقريب والإكرام ، وقيل : إنه دخل في جوف الحية ، كما ورد في التفسير .
ومنها أن يقال : كيف اشتبه على آدم الحال في الشجرة المنهيّ عنها فخالف النهى!
الجواب : إنّه قيل له : لا تقربا هذه الشجرة ، وأُريد بذلك نوع الشجرة ، فحمل آدم النهيَ على الشّخص ، وأكل من شجرة أُخرى من نوعها .
ومنها أنْ يقال : هذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام ، تصريح بوقوع المعصية من آدم عليه السلام ؛ وهو قوله : « فباع اليقين بشكِّه ، والعزيمة بوهْنه » ، فما قولكم في ذلك ؟