اسْمِهِ ، أَوْ مُشِيرٍ إلَى غَيْرِهِ ، فَهَداهُمْ بهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ ، وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ .
ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ لِقَاءَهُ ، وَرَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا ، وَرَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى ، فَقَبَضَهُ إلَيْهِ كَرِيما ، وَخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الْأَنْبِيَاءُ في أُمَمِها ـ إذْ لَمْ يَتْرُكوهُمْ هَمَلاً ، بغَيْر طَريقٍ وَاضِحٍ ، وَلاَ عَلَمٍ قَائِمٍ ـ كِتَابَ رَبِّكُم فِيكُمْ : مُبَيِّنا لَكُمْ حَلالَهُ وَحَرَامَهُ ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ ، وَخَاصَّهُ وَعامَّهُ ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ ، مُفَسِّرا مُجْمَلَهُ ، وَمُبَيِّنا غَوَامِضَهُ ، بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِهِ ، وَمُوَسَّعٍ عَلَى الْعِبَادِ في جَهْلِهِ ، وَبَيْنَ مُثْبَتٍ في الْكِتَابِ فَرْضُهُ ، وَمَعْلُومٍ في السُّنَّةِ نَسْخُهُ ، وَواجبٍ في السُّنَّةِ أَخْذُهُ وَمُرَخَّصٍ في الْكِتابِ تَرْكُهُ ، وَبَيْنَ وَاجِبٍ بَوَقْتِهِ ، وَزَائِلٍ في مُسْتَقْبَلِهِ . وَمُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ ، مِنْ كَبيرٍ أوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ ، أَوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ . وَبَيْنَ مَقْبُولٍ في أَدْنَاهُ ، مُوَسَّعٍ في أَقْصَاهُ ۱ .
الشّرْحُ :
قوله عليه السلام : « نَسَلت القرون » ، ولدت . والهاء في قوله : « لإنجاز عِدَته » راجعة إلى البارئ سبحانه . والهاء في قوله : « وإتمام نبوته » ، راجعة إلى محمد صلى الله عليه و آله . « مأخوذ على النبيين ميثاقه » ، قيل : لم يكن نبيّ قط إلاّ وبُشِّر بمبعث محمد صلى الله عليه و آله ، وأُخِذ عليه تعظيمه ؛ وإن كان بعدُ لم يوجد . « وأهل الأرض يومئذٍ مِللٌ متفرّقة » ، فإن العلماء يذكرون أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بُعث والناس أصناف شتى في أديانهم : يهود ، ونصارى ، ومجوس ، وصابئون ، وعَبَدة أصنام ، وفلاسفة ، وزنادقة .
ثم ذكر عليه السلام أن محمدا صلى الله عليه و آله خَلّف في الأُمّة بعده كتاب اللّه تعالى طريقا واضحا ، وعَلَما