147
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

انْهدَ : أي انهض . وتقاعس ، أي أبطأ وتأخر . والمتكارِه : الذي يخرج إلى الجهاد من غير نيّة وبصيرة ، وإنما يخرج كارها مرتابا .
ومثل قوله عليه السلام : «فإنّ المتكارِه مغيبه خير من مشهده ، وقعوده أغنى من نهوضه» قوله تعالى : «لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زَادُوكُمْ إلاّ خَبَالاً»۱ .

5

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلِى الأشعث بن قيس ، وهو عامل أذربيجانوَإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ ، وَلكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانةٌ ، وَأَنْتَ مُسْتَرْعىً لِمَنْ فَوْقَكَ ، لَيْسَ لَكَ أَنْ تَفْتَاتَ فِي رَعِيَّةٍ ، وَلاَ تُخَاطِرَ إِلاَّ بِوَثِيقَةٍ ، وَفي يَدَيْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللّهِ تَعَالَى ، وَأَنْتَ مِنْ خُزَّانِهِ حَتَّى تُسَلِّمَهُ إِلَيَّ ، وَلَعَلِّي أَلاَّ أَكُونَ شَرَّ وُلاَتِكَ لَكَ ، وَالسَّلاَمُ .

الشّرْحُ:

وأذربيجان : اسم أعجميٌّ غير مصروف ، الألف مقصورة ، والذال ساكنة . والنّسبة إليه أذْرِيّ بسكون الذال ، هكذا القياس . والطُّعمة بضم الطاء المهملة : المأكلة ، ويقال : فلان خبيث الطُّعمة ، أي رديء الكسب . والطِّعمة بالكسر لهيئة التطعّم ، يقول : إنّ عملَك لم يسوّغه الشرع والوالي من قِبَلي إياه ؛ ولا جعله لك أكلاً ؛ ولكنه أمانة في يدك وعنقك للمسلمين ، وفوقك سلطان أنتَ له رعيّة فليس لك أن تفتاتَ في الرعيّة الذين تحت يدك ، يقال : افتاتَ

1.سورة التوبة ۴۷ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
146

مبلبل أجسام الملوك» . وموضع الاستحسان من هذا الفصل ـ وإن كان كله حسنا ـ أمران :
أحدُهما : أنّه عليه السلام نظر إليه نظر مغضَب ؛ إنكارا لابتياعه دارا بثمانين ديناراً ، وهذا يدلّ على زهد شديدٍ في الدنيا واستكثار للقليل منها ، ونسبه هذا المشتري إلى الإسراف ، وخوف من أن يكون ابتاعها بمال حرام .
الثاني : أنه أملى عليه كتاباً زهديّا وعظيا ، مماثلاً لكتب الشُّروط التي تكتب في ابتياع الأملاك ، فإنهم يكتبون : «هذا ما اشترى فلان من فلان ، اشترى منه دارا من شارع كذا وخطة كذا ، ويجمع هذه الدار حدود أربعة» . ثم تكتب الشهود في آخر الكتاب . شهد فلان ابن فلان بذلك ، وشهد فلان بن فلان به أيضا ؛ وهذا يدلُّ على أنّ الشروط المكتوبة الآن قد كانت في زمن الصحابة تكتب مثلها أو نحوها ؛ إلاّ أنّا ما سمعنا عن أحد منهم أنه نقل صيغة الشرط الفقهيّ إلى معنى آخر كما قد نظمه هو عليه السلام ، ولا غرْو فما زال سبّاقا إلى العجائب والغرائب!
فإن قلت : لم جعل الشيطان المغوي في الحدّ الرابع؟
قلت : ليقول : وفيه يشرع باب هذه الدار ؛ لأنّه إذا كان الحدّ إليه ينتهي كان أسهل لدخوله إليها ودخول أتباعه وأوليائه من أهل الشيْطنة والضلال .

4

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى بعض أُمراء جيشهفَإِنْ عَادُوا إِلَى ظِلِّ الطَّاعَةِ ، فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ ، وَإِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَوْمِ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعِصْيَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطاعَكَ إِلَى مَنْ عَصَاكَ ، وَاسْتَغْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ ، فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ مَغِيبُهُ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِهِ ، وَقُعُودُهُ أَغْنَى مِنْ نُهُوضِهِ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123319
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي