153
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وهذا الكتاب كتبه عليٌّ عليه السلام جوابا عن كتاب كتبه معاويةُ إليه في أثناء حرب صِفِّينَ بل في أواخرها .

الأصْلُ:

۰.ومن هذا الكتاب:لاِنَّهَا بَيْعَةٌ وَاحِدَةٌ لاَ يُثَنَّى فِيهَا النَّظَرُ ، وَلاَ يُسْتَأْنَفُ فِيهَا الْخِيَارُ ، الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ ، وَالْمُرَوِّي فِيهَا مُدَاهِنٌ .

الشّرْحُ:

لا يثنّى فيها النظر ، أي لا يعاود ولا يراجع ثانية . ولا يستأنف فيها الخيار : ليس بعد عقدها خيار لمن عقدها ولا لغيرهم ؛ لأنها تلزم غير العاقدين كما تلزم العاقدين ، فيسقط الخيار فيها ، الخارج منها طاعن على الأُمّة .
«والمروّي فيها مداهن» ، أي الذي يرتئي ويبطئ عن الطاعة ويفكّر ، وأصله من الرويّة . والمداهن : المنافق .

8

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبداللّه البَجَليّ لما أرسله إلى معاويةأَمَّا بَعْدُ ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَاحْمِلْ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْفَصْلِ ، وَخُذْهُ بَالْأَمْرِ الْجَزْمِ ، ثُمَّ خَيِّرْهُ بَيْنَ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ ، أَوْ سِلْمٍ مُخْزِيَةٍ فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ إِلَيْهِ ، وَإِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَيْعَتَهُ . وَالسَّلاَمُ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
152

قتله ولم يشرك فيه ، وكلّ هؤلاء لا يجب عليهم القصاص في الشّرع .

7

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إليه أيضاًأَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ أَتَتْنِي مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ ، وَرِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ ، نَمَّقْتَهَا بِضَلاَلِكَ ، وَأَمْضَيْتَهَا بِسُوءِ رَأْيِكَ ، وَكِتَابُ امْرِئٍ لَيْسَ لَهُ بَصَرٌ يَهْدِيهِ ، وَلاَ قَائِدٌ يُرْشِدُهُ ، قَدْ دَعَاهُ الْهَوَى فَأَجَابَهُ ، وَقَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ ، فَهَجَرَ لاَغِطاً ، وَضَلَّ خَابِطاً .

الشّرْحُ:

موعظة موصّلة ، أي مجموعة الألفاظ من هاهنا وهاهنا ، وذلك عيب في الكتابة والخطابة ، وإنما الكاتب من يرتجل فيقول قولاً فصلاً ، أو يَروِي فيأتي بالبديع المستحسَن ، وهو في الحاليْن كليهما يُنفِق من كِيسه ، ولا يستعير كلامَ غيره .
والرسالة المحبّرة : المزيّنة الألفاظ ؛ كأنه عليه السلام يشير إلى أنه قد كان يظهر عليها أثر التكلّف والتصنّع . والتّنميق : التزيين أيضا . وهَجَر الرّجل ، أي هَذَى ، ومنه قوله تعالى في أحد التفسيرين : «إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُورا»۱ . واللاّغط : ذو اللغط ، وهو الصوت والجلبة . وخَبَط البعير فهو خابط ، إذا مشى ضالاًّ فخبط بيديْه كلَّ ما يَلْقاه ، ولا يتوقّى شيئا .

1.سورة الفرقان ۳۰ . أقول : ومنه أيضاً قول الخليفة عمر بن الخطاب ، يوم طلب النبي صلى الله عليه و آله وسلم في مرض وفاته كتفاً أو قرطاساً ودواة ليكتب للمسلمين كتاباً ، وقد ردّ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : ما شأنه أهجر ؟ أو إن الرجل ليهجر ! أو كما في لفظ صحيح مسلم : إن رسول اللّه يهجر . صحيح البخاري ۵:۵۱۱ كتاب المغازي ـ باب مرض النبي ووفاته ، صحيح مسلم ۴:۱۷۵ كتاب الوصية ـ باب ترك الوصية .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123354
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي