سواك ، ولقد تربَّصْتَ به الدوائر ، وتمنّيت له الأمانيّ ، طمعا فيما ظهر منك ، ودلّ عليهِ فعلُك ، وإنّي لأرجو أن أُلحِقَكَ به على أعظمَ من ذنبهِ ، وأكبر من خطيئتِه .
فأنا ابن عبد المطّلب صاحبُ السّيف ، وإنّ قائمه لفي يدي ، وقد علمتَ من قتلتُ به من صناديد بني عبد شَمْس ، وفراعنة بني سَهْم وجُمح وبني مخزوم ؛ وأيتمتُ أبناءَهم ، وأيَّمت نساءهم ۱ . وأُذكِّرك ما لستَ له ناسيا ؛ يومَ قتلتُ أخاك حنْظلة ، وجررتُ برجْله إلى القَليب ۲ ، وأسرتُ أخاك عمراً ؛ فجعلتُ عنقَه بين ساقيه رباطاً ، وطلبتُك ففررتَ ولك حُصاص ۳ ؛ فلولا أني لا أتبَع فارّا ، لجعلتك ثالثهما ، وأنا أولِي لك باللّه أليّة بَرّة غير فاجرة ؛ لئن جمعتني وإيّاك جوامع الأقدار ، لأتركنّك مثلاً يتمثّل به الناس أبدا ، ولأجعْجِعنّ بك في مناخِك حتّى يحكم اللّه بيني وبينك ، وهو خيرُ الحاكمين .
ولئن أنسأ ۴ اللّه في أجلي قليلاً لأغزِينّك سَرايا المسلمين ، ولأنهدنّ إليك في جحْفل من المهاجرين والأنصار ، ثم لا أَقبَل لك معذرة ولا شفاعة ، ولا أجيبُك إلى طلب وسؤال ، ولترجعنّ إلى تحيُّرك وتردُّدك وتلدُّدك ، فقد شاهدتَ وأبصرتَ ورأيتَ سُحُب الموتِ كيف هطلتْ عليك بصيِّبها ۵
حتى اعتصمت بكتابٍ أنت وأبوك أوّل من كَفر وكذّب بنزُوله . ولقد كنتُ تفرّستُها ، وآذنتْك أنّك فاعِلُها ، وقد مضى منها ما مَضَى ، وانقضى من كَيْدك فيها ما انقضى ، وأنا سائرٌ نحوك على أثر هذا الكتاب ، فاخترْ لنفسك ، وانظرْ لها ، وتداركْها ، فإنّك إن فطرت واستمررْت على غيِّك وغُلَوائك ۶ حتى ينهد إليك عبادُ اللّه ، أُرْتُجَت عليك الأُمور ، ومُنعت أمرا هو اليوم منك مقبول .
يابن حرب ، إنّ لجاجك في منازعة الأمر أهله من سفاه الرّأي ، فلا يطمعنّك