169
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

14

الأصْلُ:

۰.ومن وصية له عليه السلام لعسكره بصفّين قبل لقاء العدوّلاَ تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَبْدَؤُكُمْ ، فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللّهِ عَلَى حُجَّةٍ ، وَتَرْكُكُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى يَبْدَؤُكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَى لَكُمْ عَلَيْهِمْ . فَإِذَا كَانَتِ الْهَزِيمَةُ بِإِذْنِ اللّهِ فَـلاَ تَقْتُلُوا مُدْبِراً ، وَلاَ تُصِيبُوا مُعْوِراً ، وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ ، وَلاَ تَهِيجُوا النِّسَاءَ بِأَذىً ، وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ ، وَسَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ ، فَإِنَّهُنَّ ضَعِيفَاتُ الْقُوَى وَالْأَنْفُس وَالْعُقُولِ ؛ إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ ؛ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالْفَهْرِ أَوِ الْهِرَاوَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَعَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ .

الشّرْحُ:

نَهى أصحابه عن البغي والابتداء بالحرب ، وقد رُوي عنه أنه قال : ما نُصِرت على الأقْران الّذين قتلتهم إلاّ لأنِّي ما ابتدأتُ بالمبارزة . ونَهى ـ إذا وقعت الهزيمة ـ عن قَتْل المدبر والإجهاز على الجريح ، وهو إتمام قتله .
قوله عليه السلام : «ولا تصيبوا مُعوراً» ، هو من يعتصم منك في الحَرْب بإظهار عوْرته ؛ لتكفّ عنه ، ويجوز أن يكون المُعور هاهنا المريب الذي يظنّ أنه من القوم وأنّه حَضَر للحرب وليس منهم ؛ لأنّه حضر لأمرٍ آخر . «ولا تُهيجوا النّساء بأذىً» ، أي لا تحرّكوهنّ . والفِهْر : الحجَر : والهِراوة : العصا . وعَطَف «وعقبه» على الضمير المستكنّ المرفوع في «فيُعَبّرُ» ولم يؤكّد للفَصْل بقوله : بها ، كقوله تعالى «ما أَشرَكْنا ولا آباؤنا»۱ ؛ لما فَصَل بلا عطف ولم يحتجْ إلى تأكيد .

1.سورة الأنعام ۱۴۸ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
168

13

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أُمراء جيشهوَقَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَعَلَى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ ، فَاسْمَعَا لَهُ وَأَطِيعاَ ، وَاجْعَلاَهُ دِرْعاً وَمِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ وَهْنُهُ وَلاَ سَقْطَتُهُ وَلاَ بُطْؤُهُ عَمَّا الإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ ، وَلاَ إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا الْبُط ءُ عَنْهُ أَمْثَلُ .

الشّرْحُ:

هو مالك بنُ الحارث بن عبد يغوث ابن النَّخَع . وكان فارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشِّيعة وعُظمائها ، شديدَ التحقّق بوَلاء أميرِ المؤمنين عليه السلام ونصرِه ، وقال فيه بعد موته : رحم اللّه مالِكا ، فلقد كان لي كما كنتُ لرَسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم!
فأما ثناءُ أمير المؤمنين عليه السلام عليه في هذا الفَصْل فقد بلغ مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل ، ولَعمري لقد كان الأشتر أهلاً لذلك ، كان شديد البأس ، جوادا رئيسا حليماً فصيحا شاعرا ، وكان يَجمَع بين اللِّين والعُنْف ، فيَسطُو في موضع السَّطْوة ، ويَرفُق في موضع الرِّفق . ومات الأشتر في سنة 39 متوجّها إلى مصر واليا عليها لعلي عليه السلام . قيل : سُقي سُمّا ، دسّه إليه معاوية . وقد جمع أميرُ المؤمنين عليه السلام من أصناف الثّناء والمدْح ، وهي قوله : «لا يخاف بُطْؤُهُ عمّا الإسراعُ إليه أحزَم ، ولا إسراعه إلى ما البط ء عنه أمثَل .
قوله عليه السلام : «وعلى من في حيّزِكما» ، أي في ناحيتكما . والِمجَنّ : التّرس . والوَهْن : الضعف . والسَقْطة : الغَلْطة والخطأ . وهذا الرأي أحْزَم من هذا ، أي أدخل في باب الحزْم والاحتياط ، وهذا أمثل من هذا ، أي أفضَل .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120873
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي