177
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

بيت مال المسلمين . وثقيل الظّهر ، أي مسكين لا تقدِر على مَؤونة عيالك . وضئيل الأمر ، أي حقير ؛ لأنك إنما كنت نبيها بين الناس بالغنَى والثّروة ، فإذا افتقرتَ صغرتَ عندهم ، واقتحمْتك أعينُهم .

21

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى زياد أيضاًفَدَعِ الاْءِسْرَافَ مُقْتَصِداً ، وَاذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً ، وَأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ ، وَقَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ ، أَتَرْجُو أَنْ يُعْطِيَكَ اللّهُ أَجْرَ الْمُتَوَاضِعِينَ وَأَنْتَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ ! وَتَطْمَعُ - وَأَنْتَ مُتَمَرِّغٌ فِي النَّعِيمِ ، أنْ تَمْنَعُهُ الضَّعِيفَ وَالْأَرْمَلَةَ - أَنْ يُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ الْمُتَصَدِّقِينَ ؟ وَإِنَّمَا الْمَرْءُ مَجْزِيٌّ بَمَا أَسْلَفَ وَقَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمَ ، وَالسَّلاَمُ .

الشّرْحُ:

المتمرِّغ في النّعيم : المتقلّب فيه ، ونهاه عن الإسراف وهو التبذير في الإنفاق ، وأمرَه أن يُمسك من المال ما تَدْعو إليه الضرورة ، وأن يقدِّم فضول أمواله وما ليس له إليه حاجة ضرورية في الصدقة فيدّخره ليوم حاجته ، وهو يوم البَعْث والنشور .
قلتُ : قبّح اللّه زياداً ! فإنه كافأ إنعام عليّ عليه السلام وإحسانه إليه واصطناعه له بما لا حاجة إلى شرحه من أعماله القبيحة بشيعته ومحبِّيه والإسراف في لعنه ، وتهجين أفعاله ، والمبالغة في ذلك بما قد كان معاوية يرضى باليسير منه ، ولم يكن يفعلُ ذلك لطلب رضا معاوية ، كلاّ ، بل يفعله بطبعه ، ويعاديه بباطنه وظاهره ، وأبى اللّهُ إلاّ أن يرجع إلى أُمّه ، ويصحِّح نسبه ، وكلُّ إناءٍ يَنْضَح بما فيه . ثم جاء ابنه بعده فختم تلك الأعمال السيّئة


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
176

وَامْزُجْ لَهُمْ بَيْنَ التَّقْرِيبِ وَالاْءِدْنَاءِ ، وَالاْءِبْعَادِ وَالاْءِقْصَاءِ . إِنْ شَاءَ اللّهُ ۱ .

الشّرْحُ:

الدَّهاقين : الزعماء أربابُ الأملاك بالسّواد ، واحدُهم دِهقان بكسر الدال ، ولفظُه معرَّب . وداوِلْ بينهم ، أي مرّة هكذا ومرّة هكذا ، أمره أن يَسلك معهم مَنهَجا متوسّطا ، لا يُدنِيهم كلَّ الدنوّ ؛ لأنهم مُشرِكون ، ولا يقصيهم كلّ الإقصاء ؛ لأنهم مُعاهِدون ، فوجب أن يعاملهم معاملةً آخِذةً من كلّ واحدٍ من القسمين بنصيب .

20

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه
وهو خليفة عامله عبداللّه بن عباس على البصرة ـ وعبد اللّه عامل أمير المؤمنين عليه السلام يومئذٍ عليها وعلى كُوَر الأهواز وفارس وكِرْمَان وغيرها :
وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللّهِ قَسَماً صَادِقاً ، لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ خُنْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً، لَأَشُدَّنَّ عَلَيْكَ شَدَّةً تَدَعُكَ قَلِيلَ الْوَفْرِ ، ثَقِيلَ الظَّهْرِ ، ضَئِيلَ الْأَمْرِ ، وَالسَّلاَمُ .

الشّرْحُ:

قوله عليه السلام : «لأشُدّنّ عليك شدّة» ، مثلُ قوله : «لأحملنّ عليك حَملةً» ، والمراد تهديده بالأخذ واستصفاء المال .
ثم وصف تلك الشدّة فقال : «إنها تتركك قليل الوَفْر» ، أي أُفقِرك بأخذ ما اجتحتَ من

1.الغلظة : الخشونة ، ضد الرّقة . الجفوة : ضد المواصلة والمؤانسة . الإقصاء : الإبعاد . العهد : الذمّة والأمان . الجلباب : الإزار . تشوبه : تخلطه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120864
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي