251
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

رأي واجتِهاد . فسبحان اللّه ! ما أشَدّ لزومَك للأهواء المبتدعة ، والحيرة المتّبَعة ...» إلى آخر الفصل .
وأمّا قوله عليه السلام : «إنّما نصرتَ عثمانَ حيث كان النصرُ لك ...» إلى آخره ، فقد رَوَى البلاذري قال : لما أرسل عثمان إلى معاوية يستمدّه ، بعث يزيد بن أسد القَسْريّ ، وقال له : إذا أتيتَ ذا خُشُب فأقِم بها ، ولا تتجاوَزْها ، ولا تقل : الشاهدُ يَرَى ما لا يَرَى الغائب ؛ فإنّني أنا الشاهد ، وأنت الغائب .
قال : فأقام بذي خُشُب حتى قتل عثمان ، فاستقدمه حينئذٍ معاوية ، فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أُرسل معه ، وإنّما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمانَ فيدعوَ إلى نفسه .

38

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولّى عليهم الأشترمِنْ عَبْدِ اللّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ ، إِلَى الْقَومِ الَّذِينَ غَضِبُوا للّهِ حِينَ عُصِيَ فِي أَرْضِهِ ، وَذُهِبَ بِحَقِّهِ ، فَضَرَبَ الْجَوْرُ سُرَادِقَهُ عَلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ، وَالْمُقِيمِ وَالظَّاعِنِ ، فَـلاَ مَعْرُوفٌ يُسْتَرَاحُ إِلَيْهِ ، وَلاَ مُنْكَرٌ يُتَنَاهَى عَنْهُ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللّهِ ، لاَ يَنَامُ أَيَّامَ الخَوْفِ ، وَلاَ يَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ ؛ أَشَدَّ عَلَى الْفُجَّارِ مِنْ حَرَيقِ النَّارِ ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِجٍ ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ فِيَما طَابَقَ الْحَقَّ ، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللّهِ لاَ كَلِيلُ الظُّبَةِ ، وَلاَ نَابِي الضَّرِيبَةِ ، فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فانْفِرُوا ، وَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا ، فَإِنَّهُ لاَ يُقْدِمُ وَلاَ يُحْجِمُ ، وَلاَ يُؤَخِّرُ وَلاَ يُقَدِّمُ إِلاَّ عَنْ أَمْرِي ؛ وَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي لِنَصِيحَتـِهِ لَكُمْ ، وَشِدَّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
250

37

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى معاويةفَسُبْحَانَ اللّهِ ! مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ ، وَالْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ ، مَعَ تَضَيِيعِ الْحَقَائِقِ وَاطّرَاحِ الْوَثَائِقِ ، الَّتِي هِيَ للّهِ طِلْبَةٌ ، وَعَلَى عِبَادِهِ حُجَّةٌ .
فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ عَلَى عُثمانَ وَقَتَلَتِهِ ؛ فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثَْمانَ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ ، وَخَذَلْتَهُ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ ، وَالسَّلاَمُ .

الشّرْحُ:

أوّل هذا الكتاب قوله :
«أمّا بعد ، فإنّ الدنيا حُلْوة خَضِرة ذات زينة وبَهْجة ، لم يَصْبُ إليها أحدٌ إلاّ وشغلتْه بزينتها عمّا هو أنفع له منها ، وبالآخرة أُمِرنا ، وعليها حُثِثنا ؛ فدعْ يا معاوية ما يَفنَى ، واعمل لما يَبقى ، واحذر الموتَ الّذي إليه مصيرُك ، والحسابَ الّذي إليه عاقبتك .
واعلم أنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا حالَ بينه وبين ما يَكرَه ، ووفّقه لطاعته ، وإذا أراد اللّه بعبد سوءاً أغراه بالدنيا ، وأنساه الآخرة ، وبسَطَ له أمَلَه ، وعاقَه عمّا فيه صلاحُه ، وقد وصلني كتابُك فوجدتُك تَرمي غيرَ غَرضِك ، وتَنشُد غيرَ ضالّتك ، وتخبط في عَماية ، وتَتِيه في ضلالة ، وتعتصم بغير حجّة ، وتلوذ بأضعف شُبهة .
فأمّا سؤالك المتارَكة والإقرار لك على الشام ، فلو كنتُ فاعلاً ذلك اليوم لفعلتُه أمس .
وأمّا قولُك : إن عُمَر ولاّكه فقد عزل مَنْ كان ولاّه صاحبه ، وعزل عثمانُ من كان عمرُ ولاّه ولم ينصّب للناس إمام إلاّ ليرى من صلاح الأُمّة إماما قد كان ظهر لمن قبله ، أو أخفى عنهم عيبَه ، والأمر يَحدُ بعدَه الأمرُ ، ولكلّ والٍ

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120863
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي