رِضَى الْعَامَّةِ . وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤونَةً فِي الرَّخَاءِ ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاَءِ ، وَأَكْرَهَ لِـلاْءِنْصَافِ ، وَأَسْأَلَ بِالاْءِلْحَافِ ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الاْءِعْطَاءِ ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ . وَإِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْعُدَّةُ لِـلْأَعْدَاءِ ؛ الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ ؛ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ ، وَمَيْلُكَ مَعَهُمْ .
الشّرْحُ:
قال له : أنصِف اللّهَ ، أي قُم له بما فَرَض عليك من العبادة والواجبات العقليّة والسمعيّة . ثمّ قال : وأنصِف الناس من نفسك ومن ولَدِك وخاصّة أهلِك ومَن تحبّه وتميل إليه من رعيّتك ، فمتى لم تفعل ذلك كنتَ ظالما .
ثمّ نهاه عن الظّلم ، وأكّد الوِصاية عليه في ذلك . ثمّ عرّفه أنّ قانون الإمارة الاجتهاد في رضا العامّة ، فإنّه لا مبالاة بسُخْط خاصّة الأمير مع رضا العامّة ، فأمّا إذا سخِطَت العامّة لم ينفعه رضا الخاصّة ، وذلك لأنّ هؤلاء ( الخاصة ) عنهم غنىً ، ولهم بدل ، والعامّة لا غنىً عنهم ولا بدل منهم ، ولأنّهم إذا شَغَبوا عليه كانوا كالبحر إذا هاج واضطرب ، فلا يقاومه أحد ، وليس الخاصّة كذلك .
ثمّ قال عليه السلام ـ ونِعمَ ما قال ـ : ليس شيءٌ أقلَّ نفعا ، ولا أكثرَ ضررا على الوالي من خواصّه أيّام الولاية ؛ لأنّهم يثقّلون عليه بالحاجات ، والمسائل والشّفاعات ، فإذا عُزِل هَجَروه ورَفَضوه حتّى لو لقوه في الطريق لم يسلّموا عليه . والصِّغو ، بالكسر والفتح ، والصّغا مقصور : الميْل .
الأصْلُ:
۰.وَلْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ ، وَأَشْنَأُهُمْ عِنْدَكَ ، أَطْلَبُهُمْ لِمَعَائِبِ النَّاس ، فَإِنَّ في النَّاس عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا ، فَـلاَ تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ ، وَاللّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ ، فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ ؛ يَسْتُرِ اللّهُ