371
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

إنما قال : «العلم وراثة» ؛ لأنّ كلّ عالم من البشر إنما يكتسب علمه من أُستاذٍ يهذّبه وموقِّف يعلمه ؛ فكأنه ورث العلم عنه كما يرث الابنُ المال عن أبيه .
وكان يقال : لا حُلّة أجمل من حلة الأدب ؛ لأنّ حُلل الثياب تبلى ، وحلل الأدب تبقى ، وحُلل الثياب قد يغتصبها الغاصب ، ويسرِقها السارق ، وحُلل الآداب باقية مع جوهر النفس . وكان يقال : عليكم بالأدب ؛ فإنه صاحبٌ في السَفر ، ومؤنس في الوحدة ، وجمال في المحفِل ، وسبب إلى طلب الحاجة .

6

الأصْلُ:

۰.صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ ، وَالاِحْتَِمالُ قَبْرُ العُيُوبِ .
ورُوي أنّه قال في العبارة عن هذا المعنى أيضاً : المُسالَمَةُ خَب ءُ الْعُيُوبِ .

الشّرْحُ:

قولُه عليه السلام : «صدر العاقل صندوق سرِّه» ۱ ، وكان يقال : لا تُنكِحْ خاطبَ سرّك .
وقال بعض الأعراب : لا تضع سرّك عند من لا سرّ له عندك .
قوله عليه السلام : «البشاشة حبالة المودّة» ۲ ، وكان يقال : البِشْر دالّ على السخاء من ممدوحك ، وعَلَى الوُدّ من صديقك دلالةَ النَّوْر على الثَّـمَر . وكان يقال : ثلاث تُبِين لك الودّ في صدر أخيك : تلقاه ببشرِك ، وتبدؤه بالسّلام ، وتوسّع له في المجلس .

1.أي ، لا يفشي سرّه ، فإنّ السرّ بالكتمان أولى ، وكتمان الأسرار خُلُق محمود من الفضائل ، وهو من باب الأمانة . المعارج للبيهقي : ص۷۹۱ .

2.البشاشة : طلاقة الوجه ، أو حسن المعاشرة . ولا يضيق نطاقُ البشاشةِ عن الأصدقاء ، ويضيق نطاق المال والجاه عنهم .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
370

4

الأصْلُ:

۰.الْعَجْزُ آفةٌ ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ ، وَالزُّهْدُ ثَرْوَةٌ ، وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ ، وَنِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَا .

الشّرْحُ:

قوله عليه السلام : «العجز آفة» ، وهذا حقّ ؛ لأنّ الآفة هي النقص أو ما أوجب النقص ، والعجز كذلك . وكان يقال : العجز المفرط ترك التأهّب للمعاد .
وكان يقال : الصبر مرّ ، لا يتجرّعه إلاّ حرّ ، وكان يقال : إنّ للأزمان المحمودة والمذمومة أعمارا وآجالاً كأعمار الناس وآجالهم ؛ فاصبروا لِزمانِ السوء حتى يفنى عمره ، ويأتي أجله .
قوله عليه السلام : «والزهد ثروة» ، وهذا حقّ ؛ لأنّ الثروة ما استغنى به الإنسان عن النّاس ، ولا غناء عنهم كالزّهد في دنياهم ؛ فالزّهد على الحقيقة هو الغِنَى الأكبر .
قوله عليه السلام : «والورعُ جُنّة» ، كان يقال : لا عصمة كعصمة الورع والعبادة ؛ أمّا الورع فيعصمك من المعاصي ، وأمّا العبادة فتعصمك من خصمك ؛ فإنّ عدوّك لو رآك قائما تصلّي وقد دخل ليقتلك لصدّ عنك وهابَك .
قوله عليه السلام : «ونعم القرينُ الرضا» ، وكان يقال : مَنْ سخِط القضاء طاحَ ، ومن رضي به استراح . وكان يقال : عليك بالرّضا ، ولو قُلّبْتَ على جَمْر الغَضا . وفي الخبر المرفوع أنه صلى الله عليه و آله وسلمقال عن اللّه تعالى : «من لم يرض بقضائي فليتخذ ربّا سوائي» .

5

الأصْلُ:

۰.الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ ، وَالآدابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ ، وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123373
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي