387
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

31

الأصْلُ:

۰.وسُئِلَ عليه السلام عَنِ الاْءيِمَانِ ، فَقَالَ : الاْءِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى الصَّبْرِ ، والْيَقِينِ ، وَالْعَدْلِ ، وَالْجِهَادِ .
وَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَربَعِ شُعَب : عَلَى الشَّوْقِ ، وَالشَّفَقِ ، وَالزُّهْدِ ، والتَّرَقُّبِ ؛ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلاَ عَنِ الشَّهَوَاتِ ؛ وَمَنْ أشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الُمحَرَّمَاتِ ؛ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ ؛ وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ .
وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ ، وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ ، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ ، وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ ، فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ ، تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ ، عَرَفَ الْعِبْرَةَ ؛ وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ ، فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ .
وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى غائِص الْفَهْمِ ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ ، وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ ، وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ ، فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحِلْم ، وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاس حَمِيداً .
وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الاْمْرِ بالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ ، وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ ؛ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ المُنافِقِينَ ، وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ ؛ وَمَنْ شَنِى ءَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ للّهِ غَضِبَ اللّهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى التَّعَمُّقِ ، وَالتَّنَازُعِ ، وَالزَّيْغِ ، وَالشِّقَاقِ ؛ فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ إِلَى الْحَقِّ ، وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ ، وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ ، وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ ، وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلاَلَةِ ، وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ عَلَيْهِ طُرُقُهُ ، وَأَعْضَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ ، وَضَاقَ عَلَيْهِ مَخْرَجُهُ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
386

29

الأصْلُ:

۰.إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبـَارٍ ، وَالْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ ، فَمَا أسْرَعَ الْمُلْتَقَى!

الشّرْحُ:

هذا ظاهر ؛ لأنّه إذا كان كلّما جاء ففي إدبار ، والموتُ كلّما جاء ففي إقبال ، فياسَرْعانَ ما يَلتَقيان ! وذلك لأنّ إدبارَه هو توجُّهه إلى الموت ، وإقبال الموت هو توجّه الموت إلى نحوه ، فقد حُقّ إذَن الالتقاء سريعا ، ومثالُ ذلك سفينتان بدِجْلة أو غيرها ، تَصعَد إحداهما ، والأُخرى تَنحدِر نحوَها ، فلا رَيْب أنّ الالتقاء يكون وَشِيكا .

30

الأصْلُ:

۰.الْحَذَرَ الْحَذَرَ ! فَوَاللّهِ لَقَدْ سَتَرَ ، حتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم هذا المعنى وهو الاستدراج الذي ذكَرْناه آنِفا ۱ .

1.الضمير في (ستر) يعود على اللّه عزّ وجلّ ، ستر مخازي عباده حتى ظُنَّ أنّه غفرها لهم ؛ ويوشك أن يأخذهم بمكروه . وهذا هو (الاستدراج) . انظر : الحكمة (۲۵) .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123324
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي