421
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

قد تقدّم الكلامُ في جميع الحكم المنطوي عليها هذا الفَصْل ؛ وقال أبو العَتَاهِيَة :

واللّهِ لا أرجُو سِواكَ ولا أخافُ سِوَى ذنوبي
فاغفرْ ذنوبي يا رَحِيمُ فأنتَ سَتّارُ العيوبِ
وكان يقال : من استَحْيا من قولِ : ( لا أَدْرِي ) كان كمن يَسْتحي من كَشْفِ ركْبته ، ثم يكشف سَوْءته ، وذلك لأنّ من امتَنعَ من قول : ( لا أَدْرِي ) وأجابَ بالجَهْل والخطأ فقد واقَعَ ما يجبُ في الحقيقة أن يُستحيا منه ، وكَفَّ عمّا ليس بواجب أن يُسْتَحْيَا منه ، فكان شبيها بما ذكَرْناه في الرُّكبة والعَوْرة .
وكان يقال : يحسُن بالإنسان التعلّم ما دامَ يقبح منه الجَهل ، وكما يقبح منه الجهل ما دام حيّا ذلك يحسُن به التعلم ما دام حيّا .

80

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام لرجل أفرط في الثناء عليه وكان له مُتَّهِماً :
أنا دُونَ مَا تَقُولُ ، وَفَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ ۱ .

الشّرْحُ:

قد سَبَق منّا قولٌ مُقنِع في كراهية مدح الإنسان في وجهه .
وقالت الحكماء : إنّه يَحدُث للممدوح في وجهه أمرانِ مُهلِكان : أحدُهما الإعجاب بنفسه ، والثاني إذا أثنى عليه بالدِّين أو العلم فَتَر وقَلّ اجتهادُه ، ورضيَ عن نفسه ، ونَقَصَ تشميرُه وجِدُّه في طلب العلم والدّين ، فإنه إنما يتشمّر من رأى نفسَه مقصّرا فأمّا مَنْ أطلِقت

1.يعني تمدحني بما لا يمدح به مثلي ، وأنا فوق ما تعتقده فيَّ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
420

فسمعها الحسن [ البصري ] فقال : هذه ضالّة المؤمن خرجت من قلب المنافق . وكان سُفيانُ الثّوريّ يُعجِبه كلامُ أبي حَمْزة الخارجيّ ويقول : ضالّة المؤمن على لسان المنافق .

78

الأصْلُ:

۰.قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ .

قال الرضي رحمه الله :
وهذه الكلمة التي لا تصاب لها قيمة ، ولا توزن بها حكمة ، ولا تقرن إِليها كلمة .
يقال : إنّ من كلام أَرْدَشير بن بابك في رسالته إلى أبناءِ الملوك : بحَسْبِكم دلالةً على فَضْل العلم أنّه ممدوح بكلّ لسان ، يتزيّن به غير أهله ، ويدّعيه من لا يلصقُ به . قال : وبحَسْكم دَلالةً على عَيْب الجهل أنّ كل أحد يَنتفِي منه ، ويَغضَب أن يسمَّى به .

79

الأصْلُ:

۰.أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الاْءبِلِ لَكَانَتْ لِذلِكَ أَهْلاً : لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنبَهُ ، وَلاَ يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ : لاَ أَعْلَمُ ، وَلاَ يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعَلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الاْءِيمَانِ كَالرَّأس مِنَ الْجَسَدِ ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رأْسَ مَعَهُ ، وَلاَ في إِيمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ ۱ .

1.الإبط : جمع آباط باطن الكتف . ضرب الآباط : كناية عن شد الرحال وحثّ المسير والسفر لأنّ الراكب يضرب برجله إبطَ الإبل . والمراد بالرجاء هنا السؤال وطلب الحاجة .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120924
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي