91
الأصْلُ:
۰.وسُئل عن الخير ما هو؟
فقال : لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ ، وَلكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ ؛ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللّهَ ، وَإِنْ أَسَأتَ اسْتَغْفَرْتَ اللّهَ .وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ : رَجُلٍ أَذنـَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ ، وَرَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ ؛ ولاَ يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى ، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُقبَلُ!
الشّرْحُ:
قد قال الشاعر لهذا المعنى :
ليس السّعيدُ الذي دُنياه تُسعِدُهبل السعيد الذي ينجُو من النارِ
قوله عليه السلام : «ولا يَقِلّ عملٌ مع التقوى» ، أي مع اجتناب الكبائر ؛ لأنّه لو كان مُوقِعا لكبيرة لما تُقبِّل منه عملُ أصلاً على قول أصحابنا ، فوجب أن يكون المراد بالتقوى اجتنابَ الكبائر ؛ فأمّا مذهبُ المرجِئة فإنهم يحملون التّقوى هاهنا على الإسلام ؛ لأنّ المسلم عندهم تتقبَّل أعماله ، وإن كان مُواقعا للكبائر .
فإن قلت : فهل يجوز حملُ لفظة «التقوى» على حقيقتها ، وهي الخوف؟
قلت : لا . أما على مَذهبنا فلان من يخافُ اللّه ويواقع الكبائرَ لا تتقبل أعمالُه ، وأمّا مذهب المرجئة فلأنّ من يخاف اللّه مِن مخالفِي مِلّة الإسلام لا تتقبل أعمالُه ، فثبت أنه لا يجوز حملُ التقوى هاهنا على الخوف .
فإن قلت : مَنْ هو مخالفٌ لمِلة الإسلام لا يخافُ اللّه لأنّه لا يعرفه؟
قلت : لا نسلّم ، بل يجوز أن يعرف اللّه بذاته وصِفاته ، كما نعرفه نحن ، ويجحد النبوّة لشُبْهة وقعت له فيها ، فلا يلزم من جَحْد النبوة عدمُ معرفة اللّه تعالى .