449
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

عليّ عليه السلام ، وعليّ عليه السلام إنما يذكر من قبله لا من يجيء بعده .
فإن قلت : إذا كان قد قال في بني عبدِ شَمْس إنهم أمنَع لما وراءَ ظهورهم ، ثم قال في بني هاشم : إنهم أسمحُ عند الموت بنفوسهم ، فقد تناقض الوَصْفان .
قلتُ : لا مُناقضةَ بينهما ؛ لأنّه أراد كثرة بني عبدِ شمس ، فبالكَثْرة تمنع ما وراءَ ظهورها ، وكان بنو هاشم أقلَ عددا من بني عبدِ شمس ، إلاّ أن كلّ واحد منهم على انفراده أشجع وأسمح بنفسه عند الموت من كلّ واحد على انفراده من بني عبدِ شمس ، فقد بان أنه لا مناقَضة بين القولين .

117

الأصْلُ:

۰.شَتَّانَ مَا بَيْنَ عَمَلَيْنِ ؛ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ ؛ وَعَمَلٍ تَذْهَبُ مَؤونَتُهُ وَيَبْقَى أَجْرُهُ .

الشّرْحُ:

أخذ هذا المعنى بعضُ الشعراء ، فقال :

تفْنَى اللّذاذَةُ مِمّن نَال بُغْيَتَهُمن الحرَام ويبقى الإثمُ والعارُ
تُبقِي عواقبَ سوءٍ في مَغَبَّتِهالا خيرَ في لذّةٍ من بعدِها النّارُ

118

الأصْلُ:

۰.وقالَ عليه السلام وقدْ تبع جنازة فسمع رجلاً يَضحك ، فقال :
كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ ، وَكَأَنَّ الَّذِي


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
448

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في الدنيا مِرارا ، وقد أخَذ أبو العَتاهِيَة هذا المعنى فقال :

إنّما الدهرُ أرقَمٌ ليّنُ المَــسّ وفي نابِه السِّقامُ العُقامُ

116

الأصْلُ:

۰.وَقَدْ سُئِل عن قريش فقال :
أَمَّا بَنُو مَخْزُوم فَرَيْحَانَةُ قُرَيْش ، نُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ ، وَالنِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ . وَأَمَّا بَنُو عَبْدِ شَمْس فَأَبْعَدُهَا رَأياً ، وَأمْنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا . وَأَمَّا نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا ، وَأَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِنُفُوسِنَا ، وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَمْكَرُ وَأَنْكَرُ ، وَنَحْنُ أَفْصَحُ وَأَنْصَحُ وَأَصْبَحُ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في مُفاخَرة هاشم وعبدِ شمس ، فأمّا بنو مخزوم فإنّهم بعد هذين البيتين أفخرُ قُرَيش وأعظمُها شرفا .
ويُمكِن أن يُزاد عليه فيقال : قالتْ مخزوم ما أنصَفَنا من اقتَصَر في ذكْرِنا على أن قال : مخزوم ريحانةُ قُرَيش ، نحبّ حديثَ رجالِهم ، والنّكاحَ في نسائهم . ولنا في الجاهليّة والإسلام أثَر عظيم ، ورجالٌ كثيرة ، ورؤساءُ شهيرة ، فمِنّا المغيرةُ بنُ عبد اللّه بن عمْرو بنِ مخزوم ، كان سيّدَ قريش في الجاهليّة .
وينبغي أن يقال في الجواب : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل هذا الكلام احتقارا لهم ، ولا استصغارا لشأنهم ، ولكن أمير المؤمنين عليه السلام كان أكثر همّه يوم المُفاخَرة أن يُفاخر بني عبد شمس لما بينه وبينهم ، فلما ذكر مخزوما بالعرَض قال فيهم ما قال ، ولو كان يريد مفاخرتهم لما اقتصر لهم على ما ذكره عنهم ، على أنّ أكثر هؤلاء الرجال إسلاميّون بعد عصر

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120880
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي