503
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

مثلُ هذا قولهم : إن المصائبَ أثمانُ التجارب . وقيل لعالم فقير بعد أن كان غنيّا : أين مالك؟ قال : تَجَرتُ فيه ، فابتعتُ به تجربةَ الناس والوقت ، فاستفدْتُ أشرَفَ العِوَضَين .

193

الأصْلُ:

۰.إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَل الْأَبْدَانُ ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ .

الشّرْحُ:

هذا قد تكرّر ۱ ، وتكرّر منّا ذِكرُ ما قيل في إجماع النّفس والتنفيس عنها من كَرْب الجِدّ برُوح الإحْماض ۲ وفسرنا معنى قولهِ عليه السلام : «فابتغُوا لها طرائف الحكمة» وقلنا : المراد ألاّ يَجْعلَ الإنسانُ وقته كلّه مصروفا إلى الأنظار العقليّة في البراهين الكلاميّة والحِكَميّة ، بل ينقلها من ذلك أحيانا إلى النظر في الحِكمة الخُلُقيّة فإنها حِكمة لا تحتاج إلى إتعاب النفس والخاطر .

194

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام لما سمع قول الخوارج : ( لا حكم إلاَّ للّه ) : كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ .

1.تكرر بعينه في الحكمة (۸۹) .

2.الإحماض : التنقل من الجد إلى المزح .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
502

191

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام وقد مر بقذر على مزبلة : هذَا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ .
وفي خبر آخر أَنه قال : هذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْس!

الشّرْحُ:

قد سبق القولُ في مثل هذا ، وهذا مثلُ قولهم : لو أفكَر الإنسان فيما يؤول إليه الطعام لعافَتْه نفسُه .
وقد ضَرَب العلماءُ مَثلاً للدنيا ومخالفةِ آخرِها أولها ، ومضادّها مَباديها عَواقبها ، فقالوا : إنّ شهوات الدنيا في القَلب لذيذةٌ كشَهَوات الأطْعِمة في المعدة ، وسيَجِد الإنسان عند الموتِ لشهوات الدنيا في قلبه من الكَراهة والنَّتْن والقبْح ما يَجده للأطعمة اللّذيذة إذا طبختها المَعِدة وبلغتْ غايةَ نُضْجها ، وكما أن الطعام كلّما كان ألذَّ طَعْماً وأظهر حلاوة، كان رجيعه أقذر وأشدَّ نَتْنا ؛ فكذلك كلُّ شهوة في القلْب أشهى وألذّ وأقوى ، فإنّ نتنَها وكراهتها والتأذِّي بها عند الموت أشدّ ، بل هذه الحال في الدّنيا مُشاهدة ، فإن من نُهبتْ دارُه ، وأُخذ أهلُه وولدُه ومالُه ، تكون مصيبتهُ وألمه وتفجُّعه في الذي فَقَد بمقدار لذّته به ، وحبِّه له ، وحرصه عليه ، فكلُّ ما كان في الوجود أشهى وألذّ ، فهو عند الفَقْد أدهى وأمرّ ، ولا معنى للموت إلاّ فقد ما في الدنيا .

192

الأصْلُ:

۰.لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ ۱ .

1.اذا أحدث فيك ضياعُ المال بصيرةً وحذرا ، فما اكتسبته خيرٌ مما ضاع ؛ فكأنه لم يذهب من الأموال ما أثمر الوعظَ ، وما وفَني ما بقيت ثمراتُه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120841
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي