521
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

221

الأصْلُ:

۰.الْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ ، عَنْ سَلاَمَةِ الْأَجْسَادِ!

الشّرْحُ:

إنما لم يَحسد الحاسد على صحّة الجسد ؛ لأنّه صحيحُ الجسد ، فقد شارك في الصحّة ، وما يُشارك الإنسانُ غيره فيه لا يَحسده عليه ، ولهذا أرباب الحَسد إذا مَرِضوا حَسدوا الأصحّاء على الصحّة .
فإن قلت : فلماذا تَعجَّب أميرُ المؤمنين عليه السلام ؟
قلت : لكلامه عليه السلام وَجْه ، وهو أن الحسد لمّا تمكن في أربابه ، وصار غريزة فيهم ، تعجّب كيف لا يتعدّى هذا الخُلُق الذّميم إلى أن يحسد الإنسان غيره على ما يشاركه فيه ؛ فإن زيداً إذا أبغض عَمْراً بُغْضا شديدا وَدّ أن تزول عنه نِعْمته إليه ، وإن كان ذا نِعْمة كنِعمتِه ، بل ربما كان أقوى وأحسن حالاً . ويجوز أن يريد معنى آخر ، وهو تعجُّبه من غَفْلة الحُسّاد ؛ على أن الحسد مؤثِّر في سلامة أجسادهم ، ومقتضٍ سُقمَهُم ، وهذا أيضا واضح .

222

الأصْلُ:

۰.الطَّامِعُ فِي وَثَاقِ الذُلِّ ۱ .

1.ونحوه الحكمة ۲۱۵ ، ۱۸۲ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
520

اجتماع العفّة والفِسْق ، وقلّما يكون الشّجاع مستحِيا والمستحي شُجاعا ؛ لتنافِي اجتماعِ الجُبْن والشجاعة .
فأمّا الخجل فحيْرة تَلحَق النّفس لفَرْط الحياء ، ويحمد في النّساء والصبيان ويُذَم بالاتفاق في الرّجال . فأمّا القِحَة فمذْمومة بكلّ لسان ، إذ هي انْسلاخٌ من الإنسانية ، وحقيقتُها لجاجُ النفس في تعاطي القبيح ، واشتقاقها من حافِرٍ وَقَاح أي صُلْب . وقال عليه السلام : «الحياءُ شُعْبة من الإيمان» . وقال : «الإيمان عُرْيان ، ولباسُه التقوى ، وزينته الحياء» .

220

الأصْلُ:

۰.بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ ، وَبِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ الْمُوَاصِلُونَ ، وَبالاْءِفْضَالِ تَعْظُمُ الْأَقْدَارُ ، وَبِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ ، وَبِاحْتَِمالِ الْمُؤَنِ يَجِبُ السُّؤْدَدُ ، وَبِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِئُ ، وَبِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ تَكْثُرُ الْأَنْصَارُ عَليْهِ .

الشّرْحُ:

قال يحيى بن خالد : ما رأيت أحدا قطّ صامتا إلاّ هِبْتُه حتى يتكلّم ، فإمّا أن تزداد الهيْبة أو تنقُص . ولا رَيْب أن الإنصاف سببُ انعطاف القلوب إلى المنصف ، وأن الإفضال والجود يقتضي عِظَم القَدْر ؛ لأنّه إنعام ، والمُنعِم مشكور ، والتواضع طريقٌ إلى تمام النعمة ، ولا سؤدد إلاّ باحتمال المُؤَن . والسِّيرة العادلة سببٌ لقَهْر الملِك الذي يُسيِّر بها أعداءَه ، ومَنْ حَلُم عن سَفيهٍ وهو قادرٌ على الانتقام منه نَصَره الناس كلُّهم عليه ، واتّفقوا كلُّهم على ذَمّ ذلك السفيه وتقبيح فِعْلِهِ ؛ والاستِقْراءُ واختبارُ العادات تَشهَد بجميع ذلك .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120869
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي