569
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

290

الأصْلُ:

۰.قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّلِينَ .

الشّرْحُ:

يقول : قَطَع العِلْم عُذرَ الَّذِين يُعلِّلون أنفسَهم بالباطل ، ويقولون : إنّ الربّ كَريم رحيم ، فلا حاجة لنا إلى إتعاب أنفسنا بالعبادة . وهذا هو التّعليل بالباطل ، فإن اللّه تعالى وإن كان كريما رحيما عفوّا غفورا ، إلاّ أنه صادقُ القول ، وقد توعّد العُصاةَ وقال : «وإنّ الفُجّار لفي جحيم * يصلَونها يوم الدِّينِ * وما همْ عنها بغائبينَ»۱ ، وقال : «لا تختصِموا لدَيَّ وقد قدّمتُ إليكم بالوعيدِ * ما يُبَدَّلُ القولُ لديّ وما أنا بظلاّم للعبيدِ»۲ ، ويكفي في رحمته وعفوِه ، وكرمه أن يغفر للتائب أو لمن ثوابُه أكثَر ممّا يستحقّه من العِقاب ، فالقَول بالوعيد معلوم بأدِلّة السّمع المتظاهِرة المتناصِرة الّتي قد أطنَب أصحابُنا في تَعْدادها وإيضاحِها ، وإذا كان الشيءُ معلوما فقد قَطَع العلمُ به عذرَ أصحاب التعلّل والتمنِّي ، وَوجَب العملُ بالمعلوم ورفض ما يُخالِفه .

291

الأصْلُ:

۰.كُلُّ مُعَاجَلٍ يَسْأَلُ الاْءِنْظَارَ ، وَكُلُّ مُؤَجَّلٍ يَتَعَلَّلُ بالتَّسْوِيفِ .

1.سورة الانفطار ۱۴ ـ ۱۶ .

2.سورة ق ۲۸ و ۲۹ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
568

288

الأصْلُ:

۰.بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الْغِرَّةِ ۱ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم ذِكرُ الدّنيا وغُرورها ، وأنّها بشَهَواتها ولذّاتِها حِجابٌ بين العبد وبين المَوْعظة ، لأنّ الإنسانَ يَغترّ بِالعاجِلة ، ويتوهّم دَوامَ ما هو فيه ، وإذا خَطَر بباله الموتُ والفَناء وَعَد نفسَه رحمةَ اللّه تعالى وعفوَه ، والإخلاد إلى عفوِ اللّه تعالى والاتّكال على المغفرة مع الإقامة على المعصية ، غرورٌ لا محالةَ ، والحازم مَن عمل لما بعد الموت ، ولم يُمنِّ نفسه الأماني التي لا حقيقة لها .

289

الأصْلُ:

۰.جَاهِلُكُمْ مُزْدَادٌ ، وَعَالِمُكُمْ مُسَوِّفٌ .

الشّرْحُ:

هذا قريب ممّا سلف : يقول : إنّ الجاهل من الناس مُزْداد من جَهْلِه ، مُصِرٌّ على خطيئته ، مسوِّف من توهُّماته وعقيدته الباطلة بالعَفْو عن ذَنْبه ، وليس الأمر كما توهّمه . «ليـسَ بأمانيّكُمْ ولا أمانيِّ أهلِ الكتاب من يَعمَل سوءاً يُجْزَ به ولا يَجِدْ له من دُون اللّه وليّا ولا نصيراً»۲ .

1.الغِرَّة : الغفلة .

2.سورة النساء ۱۲۳ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123248
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي