599
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وَجْهه وهو حزين وحُزْنُه في قلبه ، وإلاّ فالبِشْر قد يوجَد في كثيرٍ من الناس .
ثمّ ذكر أنّه أوسَعُ الناس صَدْراً ، وأذَلّهم نَفْساً ، وأنه يَكرَه الرّفعة والصّيت .
وطُولُ الغَمّ وبُعد الهمّ من صِفاتهم ، وكذلك كَثرةُ الصّمت وشَغْل الوَقْت بالذّكر والعِبادة ، وكذلك الشّكر والصّبر والاستغراق في الفِكْر وتدبُّر آياتِ اللّه تعالى في خَلْقه ، والضَنّ بالخلّة وقلّة المخالطَة والتوفّر على العُزْلة وحُسْن الخُلُق ولِين الجانب ، وأن يكون قَوِيّ النفس جدّاً ، مع ذُلّ لِلناس وتَواضُع بينهم ؛ وهذه الأُمور كلُّها قد أتى عليها الشّرح فيما تقدّم .

340

الأصْلُ:

۰.الغِنَى الأكبَرُ اليَأْسُ عَمَّا فِي أيْدِي النَّاسِ .

الشّرْحُ:

هذه الكلمة قد رُوِيتْ مرفوعةً ، وقد تقدّم القولُ في الطّمع وذَمّه ، واليأسِ ومَدْحِه .
وفي الحديث المرفوع : «إزْهَدْ في النّاس يُحبّك اللّه ، وازْهَدْ فيما في أيدِي الناسِ يُحبّك الناس » .

341

الأصْلُ:

۰.الْمَسْؤُولُ حُرٌّ حَتَّى يَعِدَ .

الشّرْحُ:

قد سَبَق القولُ في الوَعد والمَطْل . ونحن نذكر هاهنا نُكَتا أُخرى : في الحديث المرفوع : «مَن وَعَد وَعْدا فكأنما عَهِد عَهْدا» . وكان يقال : الوعدُ دَيْن الكِرام ، والمَطْل دَيْن اللّئام .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
598

العاجز لعَجْزه وحِرْمانه ، واقتَنَصه الجَلْد لشَهامتِه وقوّة جدِّه .

338

الأصْلُ:

۰.السُّلْطَانُ وَزَعَةُ اللّهِ فِي أَرْضِهِ .

الشّرْحُ:

الوازعُ عن الشيء : الكافُّ عنه ، والمانعُ منه ، والجمع وَزَعة ، مِثل قاتِل وقَتَلة . وقد قيل هذا المَعنَى كثيرا ، قالوا : لابدّ للنّاس مِن وَزَعة . وقيل : ما يَزَع اللّه عن الدّين بالسّلطان أكثَرُ ممّا يَزَع عنه بالقرآن .

339

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام في صفة المؤمن :
بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ ، وَحُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ . أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً ، وَأَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً . يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ ، وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ . طَوِيلٌ غَمُّهُ ، بَعِيدٌ هَمُّهُ ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ ، مَشْغولٌ وَقْتُهُ ، شَكُورٌ صَبُورٌ ، مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ، ضَنِينٌ بِخَلَّتِهِ ، سَهْلُ الْخَلِيقَةِ ، لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ ، نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ ، وَهُوَ أَذَلُ مِنَ الْعَبْدِ .

الشّرْحُ:

هذه صفاتُ العارِفين ؛ وقد تقدّم كثيرٌ من القول في ذلك .
وكان يقال : البِشْر عُنْوان النّجاح ، والأمْر الذي يختصّ به العارفُ أن يكونَ بِشْرُه في

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123300
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي