617
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في نحو هذا . وفي المَثَل : كَفَى بالاعتبار منذرا ، وكفى بالشَّيب زاجرا ، وكفى بالموتِ واعِظاً ، وقد سَبَق القولُ في وُجوب تَجنُّب الإنسانِ ما يَكرَهه من غيره .
وقال بعضُ الحكماء : إذا أحببتَ أخلاقَ امرئٍ فكُنْه ، وإن أبغَضْتَها فلا تَكُنْه .

372

الأصْلُ:

۰.الْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ ، فَإِنْ أَجَابَ وَإِلاَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ .

الشّرْحُ:

لا خيرَ في عِلمٍ بلا عَمَل ، والعِلْم بغير العَمَل حُجَّةٌ على صاحبه ، وكلامُ أمير المؤمنين عليه السلام يُشعِر بأنّه لا عالِم إلاّ وهو عامِل ، ومُرادُه بالعلم هاهنا العِرْفان ؛ ولا رَيْبَ أن العارف لابدّ أن يكون عاملاً .
ثم استأنف فقال : العِلمُ يهتف بالعَمَل أي يُنادِيه ، وهذه اللّفظة استعارة .
قال : فإن أجابَه وإلاّ ارتحل ، أي إن كان الإنسانُ عالما بالأمور الدّينيّة ثمّ لم يَعمَل بها سَلَبه اللّه تعالى عِلْمَه ، ولم يَمُتْ إلاّ وهو معدود في زُمْرة الجاهلين ، ويُمكِن أن يفسَّر على أنّه أراد بقوله : ارتَحَل ارتحَلَتْ ثَمَرتُه ونتيجتُه ، وهي الثّواب ، فإنّ اللّه تعالى لا يُثِيب المكلَّف على عِلمِه بالشّرائع إذا لم يَعمَل بها ، لأنّ إخلالَه بالعَمَل يُحبِط ما يستحِقّه مِن ثواب العِلم لو قَدّرنا أنّه استَحَقّ على العِلم ثواباً ، وأتَى به على الشّرائط الّتي معها يستحقّ الثواب .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
616

وقد جَعَل أميرُ المؤمنين عليه السلام كِلْتا الحالتين خُرْقاً ؛ وهو صَحِيح ؛ لأنّ الخُرْق الحُمقْ ، وقلّة العقل ، وكلتا الحالتين دليلٌ على الحُمق والنَّقْص .

370

الأصْلُ:

۰.لاَ تَسْأَلْ عَمَّا لَمْ يَكُنْ ، فَفِي الَّذِي قَدْ كَانَ لَكَ شُغُلٌ .

الشّرْحُ:

من هذا الباب قولُ أبي الطَّيِّب في سَيْف الدولة :

ليسَ المدائحُ تَستوفِي مَناقِبَهُفمَنْ كُلَيبٌ وأهلُ الأعْصُر الأُوَلِ!
خُذْ ما تَرَاه ودَعْ شيئا سمعتَ بهفي طلعةِ البدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
[ ديوانه 3 : 81 ] [ والمعنى : لا تتمنَّ من الأُمور بعيدها فكفاك من قريبها ما يشغلك ] .

371

الأصْلُ:

۰.الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ ، وَالاْعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ ، وَكَفَى أَدَباً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ ۱ .

1.الفكر : العقل السليم . الاعتبار : الاتعاظ بما يحصل من حوادث الدهر .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123345
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي