627
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

يقول عليه السلام : الحقّ وإن كان ثقيلاً إلاّ أن عاقبته محمودة ، ومَغَبّته صالحة ، والباطلُ وإن كان خفيفا إلاّ أنّ عاقبته مذمومة ، ومَغَبّته غير صالحة ، فلا يحملنّ أحدَكم حلاوةُ عاجلِ الباطل على فعله ، فلا خَير في لذّة قليلة عاجلة ، يتعقّبها مضارُّ عظيمةٌ آجلة ، ولا يَصرِفنّ أحدَكم عن الحق ثِقلُه فإنّه سيَحمَد عُقبَى ذلك ، كما يَحمَد شاربُ الدّواء المُرّ شُرْبه فيما بعدُ إذا وَجَد لذّةَ العافية .

383

الأصْلُ:

۰.لاَ تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ اللّهِ ، لِقَوْلِهِ سبحانه وتَعَالَى : «فَـلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ» وَلاَ تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللّهِ تَعَالَى ، «إِنَّهُ لاَ يَيْأْسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»۱ .

الشّرْحُ:

هذا كلامٌ ينبغي أن يُحمَل على أنّه أراد عليه السلام النّهيَ عن القطع على مغيب أحدٍ من النّاس ، وأنّه لا يجوز لأحد أن يقول : فلان قد نجا ، ووجبتْ له الجنّة ، ولا فلان قد هَلَك ووجبتْ له النار ، وهذا القول حقّ ، لأنّ الأعمال الصالحة لا يُحكَم لصاحبها بالجنّة إلاّ بسلامة العاقبة ، وكذلك الأعمال السيّئة لا يُحكَم لصاحبها بالنّار إلاّ إنْ مات عليها .

384

الأصْلُ:

۰.الْبُخْلُ جَامِعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوءٍ .

1.سورة يوسف ۸۷ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
626

381

الأصْلُ:

۰.وروى أبو جُحَيْفَةَ قال : سَمعتُ أَميرَ المؤْمنينَ عليه السلام يقولُ :
أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ ، ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ ؛ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكَراً ، قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ ، وَأَسَفَلُهُ أَعْلاَهُ .

الشّرْحُ:

إنّما قال ذلك لأنّ الإنكار بالقَلْب آخِرُ المراتب ؛ وهو الّذي لابدّ منه على كلّ حال ، فأمّا الإنكار باللّسان وباليد فقد يكون منهما بُدٌّ ، وعنهما عُذْر ، فمن تَرَك النهيَ عن المنكَر بقلبه ، والأمرَ بالمعروف بقلبه ، فقد سَخِط اللّهُ عليه لعصيانه ، فصار كالممسوخ الّذي يَجعَل اللّه تعالى أعلاه أسفَله ، وأسفَله أعلاه تشويها لِخلقته .

382

الأصْلُ:

۰.إِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيءٌ ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيءٌ ۱ .

الشّرْحُ:

تقول : مرُؤَ الطّعام بالضّم ، يَمرُؤ مَراءة فهو مَرِيءٌ على «فَعِيل» مثل خفيف وثقيل ، وقد جاء مَرِيء الطّعام بالكَسر ، كما قالوا فَقِه الرجُل وفَقُه . ووَبئ البلد بالكسر يَؤبَأ وبَاءَة فهو وَبيءٌ على «فعيل» أيضا ، ويجوز فهو وَبِئٌ على «فَعِل» مثل حَذِر وأَشِر .

1.مَرؤَ الطعام : أي صار هنيئاً حميد العاقبة . الوبيء : الوخيم العاقبة .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120856
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي