وخامسها : قوله : «وكلّ قائم في سواه معلول» ، أي وكلّ شيء يتقوّم بغيره فهو معلول ، وهذا حقٌّ لا محالة ، كالأعراض ؛ لأنها لو كانت واجبةً لاستغنت في تقوّمها عن سواها ، لكنّها مفتقرة إلى المحلّ الذي يتقوّم به ذواتها ؛ فإذا هي معلولة ؛ لأنّ كل مفتقر إلى الغير فهو ممكن فلا بدّ له من مؤثر .
وسادسها : قوله : «فاعل لا باضطراب آلة» هذا لبيان الفرق بينه وبيننا ، فإنّنا نفعل بالآلات وهو سبحانه قادر لذاته فاستغنى عن الآلة .
وسابعها : قوله : «مقدّر لا بجوْل فكرة» ، هذا أيضا للفرق بيننا وبينه ؛ لأنّا إذا قدّرنا أجَلْنا أفكارنا ، وتردّدت بنا الدواعي ، وهو سبحانه يقدّر الأشياء على خلاف ذلك .
وثامنها : قوله : «غنيّ لا باستفادة» ، هذا أيضا للفرق بيننا وبينه ؛ لأنّ الغنيّ منّا مَنْ يستفيد الغنى بسبب خارجي ، وهو سبحانه غني بذاته من غير استفادة أمر يصير به غنياً ، والمراد بكونه غنيّا أنّ كل شيء من الأشياء يحتاج إليه ، وأنّه سبحانه لا يحتاج إلى شيء من الأشياء أصلاً .
وتاسعها : قوله : «لا تصحبه الأوقات» ، هذا بحث شريف جدا ؛ وذلك لأنّه سبحانه ليس بزمان ولا قابل للحركة ، فذاته فوق الزمان والدهر .
وعاشرها : قوله : «ولا تُرْفِدُه الأدوات» ، رفدت فلاناً إذا أعنتَه ؛ والمراد الفرق بيننا وبينه ؛ لأنّنا مرفودون بالأدوات ، ولولاها لم يصح منا الفعل ، وهو سبحانه بخلاف ذلك .
وحادي عشرها : قوله : «سبق الأوقات كونُه ...» إلى آخر الفصل ، هذا تصريح بحدوث العالم .
فإن قلت : ما معنى قوله : «والعدم وجوده» ؟ وهل يسبق وجوده العدم مع كون عدم العالم في الأزَل لا أوّلَ له؟
قلت : ليس يعني بالعدم هاهنا عدم العالم . بل ، عدم ذاته سبحانه ، أي غلب وجود ذاته عدمها وسبقها ، فوجب له وجود يستحيل تطرّق العدم إليه أزلاً وأبداً بخلاف الممكنات ، فإنّ عَدمها سابق بالذّات على وجودها ، وهذا دقيق!
الأصْلُ:
۰.بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ . ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ ؛ وَالْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ ،