677
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وَأن لا يَكُونَ فِي حَدِيثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللّهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ .

الشّرْحُ:

قد أخَذ المعنَى الأوّل القائلُ :

عليكَ بالصِّدْق ولَو أنّهأحْرَقَك الصِّدْقُ بنارِ الوَعِيدْ
ويَنبغِي أن يكونَ هذا الحُكْم مقيّدا لا مطلقاً ، لأنّه إذا أضَرّ الصِّدْق ضَرَراً عظيماً يؤدِّي إلى تَلَف النَّفْس أوْ إلى قَطْع بعضِ الأعضاء لم يَجُزْ فِعلُه صَريحاً ، ووجَبتْ المعَاريضُ حينئذٍ .
قال عليه السلام : «وأن لا يكونَ في حديثِك فَضْل عن علمِك» ، مَتَى زاد مَنطِق الرجل على عِلْمِه فقد لَغَا وظَهَر نقصُه ، والفاضلُ من كان عِلمُه أكثرَ من مَنطِقه . قوله : «وأن تَتّقي اللّه في حديثِ غيرك » ، أي في نَقْلِه وروايتِه فَترْوِيه كما سَمِعْتَه من غير تحريف .

468

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :يَغْلِبُ الْمِقْدَارُ عَلَى التَّقْدِيرِ ، حَتَّى تَكُونَ الآفَةُ فِي التَّدْبِيرِ .

قال : وقد مضى هذا المعنى فيما تقدم برواية تخالف هذه الألفاظ ۱ .

الشّرْحُ:

قد تقدَّم هذا المعنى ، وهو كثيرٌ جداً ، ومن جيّده قول الشاعر :

لعَمْرُك ما لامَ ابنُ أخطبَ نَفْسَهولكنه من يَخْذُل اللّه يخذلِ
لجاهدَ حتى تَبلُغَ النفس عُذْرَهاوقَلْقَل يبغي العِزَّ كلَّ مُقَلْقَلِ

1.يريد الشريف الرضي بهذا الحكمة ۱۷ «تذلّ الأُمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير» .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
676

وقال : «ألا حُرٌّ» ، مبتدأ ، وخبرُه مَحْذوف أي في الوجود . ثم قال : إنه ليس لأنفسِكم ثمنٌ إلاّ الجنة ، فلا تبيعوها إلاّ بها ، من الناس من يبيعُ نفسه بالدراهم والدّنانير ، ومن الناس من يبيع نفسه بأحقر الأشياء وأهونِها ، ويتبع هواهُ فيَهلك ، وهؤلاء في الحقيقة أحمقُ الناس ، إلاّ أنه قَدْ رِين على القُلوب ، فغطّتها الذنوب ، وأظلمت الأنفسُ بالجهْل وسوء العادة ، وطال الأمد أيضا على القلوب فَقَسَتْ ، ولو أفكر الإنسانُ حَقّ الفِكْر لما باع نفسه إلاّ بالجنّة لا غير .

466

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ : طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا .

الشّرْحُ:

تقول : نَهم فلانٌ بكذَا فهو مَنْهوم ، أي مُولع به ، وهذِه الكلمة مَرْويّة عن النّبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «مَنْهومان لا يَشبَعان : منهومٌ بالمالِ ، ومنهومٌ بالعلْم» . والنَّهَم بالفَتْح : إفراطُ الشَّهْوة في الطّعام ، تقول منه : نَهِمْتُ إلى الطّعام بكسرِ الهاء أنْهَم فأنَا نَهِم .
فأمّا طالبُ العِلْم العاشِقُ له ، فإنّه لا يَشبَع منه أبدا ، وكلّما استَكثَر منه زادَ عِشْقهُ له ، وتَهَالُكُه عليه .

467

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :علامَةُ الاْءِيمَانُ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ ، عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ ،

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 120874
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي