679
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

طالَما فُتِن الناسُ بثنَاءِ النّاس عليهم ، فيقصِّر العالِم في اكتساب العِلم اتّكالاً على ثَناءِ النّاس عليه ، ويقصِّر العابدُ في العِبادة اتّكالاً على ثَناءِ الناسِ عليه ، ويقول كلّ واحد منهما : إنّما أردتُ ما اشتَهَرْتُ به ، للصِّيت ، وقد حَصَل ، فلِمَاذا أتكلّف الزّيادة ، وأُعاني التّعب ! وأيضاً فإنّ ثَنَاء النّاس على الإنسان يَقتضي اعتراء العُجْب له ، وإعجاب المرءِ بنَفْسه مُهلِك .
قال ابن أبي الحديد : واعلمْ أنّ الرّضيّ رحمه الله قَطَع كتابَ نَهْج البلاغة على هذا الفَصْل ، وهكذا وجدتُ النُّسخة بخَطّه وقال : ( هذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قَطْع المُنتزَع من كلام أمير المؤمنين عليه السلام : حامِدين للّه سبحانَه على ما مَنَّ به من توفيقِنا لضمّ ما انتشَرَ من أطرافه وتقريب ما بَعُد من أقطاره ، مقرِّرِين العزَم كما شرطْنا أوّلاً على تفضيل أوراقٍ من البياض في آخِر كلّ باب من الأبواب ، لتكون لاقتناص الشارِد ، واستِلْحاقِ الوارد ، وما عَساه أن يَظهرَ لنا بعد الغمُوض ، ويقع إلينا بعد الشّذوذ ، وما توفيقُنا إلاّ باللّه ، عليه توكّلنا ، وهو حسبُنا ونعمَ الوكيل ، نعمَ المولَى ونعمَ النّصير ) .
ثم وجَدْنا نسخا كثيرةً فيها زيادات بعد هذا الكلام ؛ قيل : إنها وُجِدَتْ في نسخةٍ كتبتْ في حَيَاةِ الرَّضيّ رحمه الله وقُرئَت عليه فأمضاها ، وأَذِن في إلحاقِها بالكِتاب ونحن نذكرها .

472

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا ، وَلَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا .

الشّرْحُ:

قال أبو العلاء المَعَرّيّ ـ مع ما كان يُرمَى به ـ في هذا المعنى ما يُطابِق إرادةَ أمير المؤمنين عليه السلام بلَفْظه هذا :

خُلِقَ الناسُ للبَقاءِ فضَلّتْأمّةٌ يحسَبونَهم للنَّفادِ
إنّما يُنقَلون من دارِ أعمالٍ إلى دارِ شِقْوةٍ أو رَشادِ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
678

469

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :الْحِلْمُ وَالأناةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ ۱ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم هذا المعنى وشرحه مرارا . وكان يقال : الأناة حِصْن السلامة ، والعَجلة مفتاحُ الندامة . وكان يقال : التأنِّي مع الخَيْبة ، خيرٌ من التهوُّر مع النّجاح .

470

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ ۲ .

الشّرْحُ:

وقيل للأحنف : مَنْ أشرَف الناس ؟ قال : من إذا حَضَر هابُوه ، وإذا غاب اغتابوه .

471

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ .

1.الحِلْم : إمساك النفس عن هيجان الغضب . الأناة : عدم العجلة والتروي في الشيء . التوأمان : المولودان في بطن واحد .

2.الغيبة : ذكرك أخاك المؤمن بما يكره وهو غائب ، وهي سلاح العاجز ينتقم به من عدوّه ، وهي جهده : أي غاية ما يمكنه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 123350
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي