لا يستحقون أن يُتأسّف عليهم ، وقيل : أراد المبالغة في تحقير شأنهم ؛ لأنّ العرب كانت تقول في العظيم القدر يموت : بكته السماء ، وبكته النجوم .
238
الأصْلُ:
۰.ومن خطبة له عليه السلام
ومن الناس مَنْ يسمّي هذه الخطبة بالقاصِعة ، وهي تتضمّن ذمَّ إبليس لعنه اللّه ، على استكباره وتركه السجود لآدم عليه السلام وأنّه أوّل من أظهر العصبية وتبع الحمية . وتحذيرَ الناس من سلوك طريقته :الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَالْكِبْرِيَاءَ ، وَاخْتَارَهُمَا لنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ ، وَجَعَلَهُمَا حِمىً وَحَرَماً عَلَى غَيْرِهِ ، وَاصْطَفَاهُمَا لِجَلاَلِهِ ، وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ .
ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذلِكَ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ ، لَِيمِيزَ المُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ ، وَمَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ : «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ»۱ ؛ اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بَخَلْقِهِ ، وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ ، فَعَدُوُّ اللّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ ، وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ؛ الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ ، وَنَازَعَ اللّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ ، وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ ، وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ .