101
ميراث محدث اُرموي

الإعراب :

قوله : « بأبي أنت و اُمّي » الباء للتفدية ، إلا أنّ أكثر النحويين لم يذكرها من جملة معاني الباء كابن الحاجب و ابن هشام في الكافية و المغني ، و لعلهم أدرجوها في التعدية ؛ نظرا إلى أن الفعل المقدَّر في مثل « بأبي هو فداك أو مفدَّى » يتعدى بالباء . إلا أن باء التعدية لا تدخل
على الفاعل ، فالأولى إدراجها في الزائدة ، فالباء في « فداك بأبي » زائدة كما في «كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدَا»۱ . و حيث إنه لا يجامع الباء ذكرَ المتعلَّق فهو نائب عنه أصلاً ، اُطلق عليه باء التفدية لقيامه مقام مادة الفداء .
و هل التقدير « فداك » أو « مفدَّى » ؟ و جهان بل قولان : فعلى الثاني يكون «بأبي» مع متعلقه المحذوف خبرا مقدما ، و أنت مبتدأ ؛ و على الأول «بأبي» فاعل الفعل المحذوف ، و أنت تأكيد عن المفعول المحذوف . و كون ضمير الرفع تأكيدا عن ضمير النصب المتصل كثير ، كما في قوله تعالى : «إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»۲ على بعض الوجوه ، و قوله تعالى : «إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ»۳ بناءً على نصب أقلَّ ؛ فإن «أنا» تأكيد عن مفعول «تَرَنِ» .
و يمكن لنا اعتبار وجه لطيف في المقام ، بأن نقول : الباء في « بأبي » للبدلية ، و هو خبر مقدَّم ، و أنت مبتدأ مؤخر ؛ يعني : إنك مبدَل بأبي فيكون أبي بدلاً عنك ، فيفيد معنى التفدية بالالتزام ؛ حيث إن الفداء بدل المفدَّى منه . أو يكون المعنى : أنت بدل أبي ؛ على مذاق النحويين من كون المبدَل منه مع البدل بحكم السقوط ، و هو بمعنى الفدائية . و على أيّ تقدير فلا يُذكر فعل الفداء مع الباء أصلاً .
و أما الآية الشريفة : «وَ فَدَيْنَـهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»۴ فليس الباء في « بذبح » للتفدية ليكون نقضا لما ذكرنا ، بل المستفاد من أكثر الأخبار الواردة في تفسيرها أن المراد من « الذبح العظيم » الحسين عليه السلام ، فلا وجه حينئذ لتكون الباء للتفدية ؛ فإن المفدَّى أفضل من الفداء يقينا . و هل يرضى مؤمن أن يكون إسماعيل أفضل من الحسين عليه السلام ، فالباء للسببية ؛ يعني : إنا أرسلنا الكبش فداءً لإسماعيل به سبب الذبح العظيم ، يعني : إنّ عنوان الذبيحية قد كان مختوما باسم الحسين و مدَّخرا له عليه السلام ، فلذا أخّرنا هذه القضية ، أو أرسلنا الفداء له به سبب بكاء إبراهيم الخليل على الحسين الذي هو ذبح عظيم ؛ على ما في الخبر المروي عن الرضا عليه السلام ۵ .
قوله : « و نفسي لك الوقاء » نفسي مبتدأ ، و «الوقاء» خبره ، و «لك» متعلق به ، على أن
المصدر بمعنى اسم الفاعل ، أي : نفسي واقٍ لك و حامٍ .
قوله : « يا ابن خيرة المهذبين » في بعض النسخ بتعريف « الخيرة » ، و في بعضها مجردا عن اللام ، و هو أوضح ؛ لأن « الخيرة » ليس جمعا كسائر أخواته ، مثل « الهداة » و « السادة » و غيرهما ، بل مفرد كما يستفاد من قوله : « محمد خيرة الخلق » ، و من قول السجاد عليه السلام : أنا الخيرة بين الخيرتين۶ ، فهو بمعنى المختار و المنتخب . فلو كان معرَّفا باللام فلا تصحّ الإضافة ، على أن توصيفه بـ « المهذَّبين » لا يطابق قاعدة الوصف من التطابق على الموصوف في الإفراد و الجمعية .
قوله : « لدى اللّه لعليٌّ حكيمٌ » إتيان اللام في الخبر المجرَّد عن « إنّ » مبني على لغة ، كما في قول الشاعر :
* اُمُّ الحُلَيْس لعجوزٌ شَهْرَبَة ۷ *
و لعل النظر إلى أصل الكلام ؛ حيث إنّه مقتبس من الآية الشريفة : «وَ إِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَـبِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ»۸ في سورة الزخرف ، و دخول اللام في الأصل بملاحظة « إنّ » ، فلم يتغيّر في الحكاية تبعا ؛ إذ المحكي لا يتغير ، و إن كان يرد عليه التغير في لفظ « لدى اللّه » لا يناسب الحكاية ؛ لكونه في الأصل « لدينا » .
قوله : « فكان قاب قوسين » اسمُ كان ضمير راجع إلى الدنوّ المستفاد من « دنا » ، و «دنوّا» مفعول مطلق و يتقيه بالاقتراب من العلي الأعلى بيان فرع الدنوّ ؛ لرفع توهم الدنو من جبرئيل و غيره ، غاية الأمر إرادة القرب المعنوي من الدنو .
قوله : « أين استقرت بك النوى » في محل المفعولين لـ « شعري » ؛ لأنه بمعنى العلم ، إلا أنه قد عُلِّق به سبب الاستفهام عن المفعولين .

1.سورة الرّعد ، ۴۳ ، سورة الإسراء ، الآية ۹۶ .

2.سورة يوسف ، الآية ۹۸ ، سورة القصص ، الآية ۱۶ ، سورة الزمر ، الآية ۵۳ .

3.سورة الكهف ، الآية ۳۹ .

4.سورة الصّافات ، الآية ۱۰۷ .

5.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص۱۸۷، باب ۱۷، ح ۱؛ الخصال، ج ۵۸ ، ح ۷۹؛ بحار الأنوار ، ج۱۲، ص ۱۲۴ ، ح ۱.

6.مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۷۱۸ مادة «خير » .

7.نقله في الصحاح ج ۱ ص ۱۵۹ مادة «شهرب » ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۵۱۰ .

8.سورة الزخرف ، الآية ۴ .


ميراث محدث اُرموي
100

اللغة :

الوقاء ـ بكسر الواو أو فتحها ـ : ما وَقيت به شيئا . و الحماء كذلك ما حميت به شيئا .
السادة جمع سائد ، كالقادة جمع قائد . و السائد بمعنى : السيد .
الهداة جمع الهادي ، كالدعاة و العصاة .
الخِيَرة ـ بكسر الخاء و فتح الياء أو سكونها ، بمعنى : المنتخب المختار ، و بمعنى : الاختيار ، أو اسم منه ، كالطيرة من التطيُّر .
الغَطَارِفَة جمع غِطْريف ـ بالغين المعجمة المكسورة و الطاء المهملة ـ بمعنى : السيد .
الخَضَارِمَة ـ بالخاء و الضاد المعجمتين ـ جمع خضرم كزبرج : الواسع و الجواد و السيد الحمول والدعي و الماضي نصف عمره في الجاهلية و نصفه في الإسلام . الخضارمة : قوم من العجم خرجوا إلى بدء الإسلام فسكنوا الشام ؛ كذا في القاموس ۱ .
القَماقِمَة جمع القُمْقَام ـ بالضم ـ ، بمعنى : البحر الواسع العميق و السيد .
الباهرات : من بَهَر القمرُ الكواكبَ ، كمنَعَ : أي غلب ضوؤه ضوءها .
السابغات : من السُّبُوغ ـ بالغين المعجمة ـ بمعنى : الوسعة و الشمول .
المحكمات في مقابل المتشابهات على ما في الآية : «مِنْهُ ءَايَـتٌ مُّحْكَمَـتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَـبِ وَأُخَرُ مُتَشَـبِهَـتٌ»۲ ، من الإحكام بمعنى الإتقان ، بمناسبة ما ذكر في معناه الاصطلاحي هو : ما يكون محفوظا من النسخ أو الالتباس ، فذلك نحو إتقان له .
الذاريات : هي الرياح تذرو الشيء ذروا ، أي تنسفه . و عن أمير المؤمنين عليه السلام : الذاريات في السحاب ، و الجاريات هي السفن ، و المُقَسِّمات اُمراءُ الملائكة۳.
العاديات في قوله تعالى : «وَ الْعَـدِيَـتِ ضَبْحًا»۴ من العَدْو ، بمعنى الوثوب و الحركة المخصوصة . و الضَّبْح ـ بالضاد المعجمة و الحاء المهملة ـ : صَداء البعير أو الفرس من شدة العَدْو .
تدلّى في الآية : «دَنَا فَتَدَلَّى»۵ من التدلّي ، و هو إرسال الثمرة مع التعلق .
القاب في «قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى»۶ بمعنى : المقدار ، كالقيد و القيس .
النَّوى ـ بفتح النون ـ : البُعد و المكان و التجول من مكان إلى آخر .
الرَّضْوى : جبل بالمدينة .
ذي طُوى ـ بفتح الطاء و الضم ـ : أشهر موضع في الحرم بقرب مكة بما يقرب من فرسخ ، و يُعرف بـ « الزاهر » في طريق التنعيم .
الحسيس : الصوت الخفي .
و النجوى : ما أسرَّ واحدٌ إلى آخر .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۰۸ ، و كذا فى الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۱۴ ، لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۸۶ ، تاج العروس ، ج ۸ ، ص ۲۸۱.

2.سورة آل عمران ، الآية ۷ .

3.الغارات ، ج ۲ ، ص ۷۳۷ ، الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۳۸۶ ؛ مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ، ج ۱ ، ص ۳۲۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۰ ، ص ۱۵۸ . و ليس فيها لفظة « اُمراء » .

4.سورة العاديات ، الآية ۱ .

5.سورة النجم ، الآية ۸ .

6.سورة النجم ، الآية ۹ .

  • نام منبع :
    ميراث محدث اُرموي
    المساعدون :
    الاشكوري، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 87182
الصفحه من 384
طباعه  ارسل الي