الإعراب :
قوله : « هدىً من الضلال ، و نورا من العمى » .
لما كان الهدى اسم معنىً كالنور المعطوف عليه ، لا يجوز كونهما خبرين عن اسم عين ، فلا بدّ إما من تأويلهما بمعنى الهادي و المنوِّر ، أو جعلهما من قبيل « زيدٌ عدلٌ » من باب المبالغة . و حيث إن الهداية ضد الضلال ، و النور ضد العمى ، و الضد في طرف مقابل مع الضد ، فيلزمه الإبعاد ؛ فكأنه قيل : إبعادا به سبب الهداية من الضلال ، و به سبب النور من العمى .
قوله : « حَذْو الرسول » الحذو مفعول مطلق نوعي ، مثل « ضربت ضرب الأمير » .
قوله : « على التأويل » على للاستعلاء متعلق مع مدخوله على « يقاتل » ، و كأن المقاتلة مبنية و مؤسسة على التأويل ، و إلا فأهل التوحيد و أهل القرآن لا يجوز مقاتلة المسلم معه ؛ لأن الشهادتين أثرهما حفظ الدماء و الأموال كما سبق في الفصل السابق ، إلا أنه قد يتفق لبعض الفرق من الفتن و البدع بحيث يوجب الارتداد و الخروج عن الدين ، و لا يعلم ذلك إلا الإمام عليه السلام ؛ إذ يعلم تأويل القرآن . فتبين أن قتالَه معهم مبنيٌّ على تأويل القرآن .
قوله : « يتبع أشقى الأولين » الجملة حالية من فاعل « قتله » ، يعني إنّ قتلة أمير المؤمنين عليه السلام متبعة لأشقى الأولين عاقر ناقة صالح ؛ إذ كما أن ناقة صالح كانت من آيات اللّه ؛ أخرجها من الحجر بالإعجاز و خارق العادة ، و كان للقوم ، فيه منافع عديدة ، من جملتها أن عين القوم لعدم الكفاية كان ماؤها يوما للناقة و يوما آخر للقوم كما أشار تعالى إليه في الآية الشريفة : «هَـذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ »۱ إلى قوله : «لَّهَا شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ»۲ .
و كذلك أمير المؤمنين عليه السلام كان آية من آيات اللّه ، و كانت منافعه واضحة ، و مع وجود منافعه للملة قتله أشقى الأشقياء و أشقى من عاقر ناقة صالح .
قوله : « وجرى القضاءُ لهم بما يُرجى له حسن المثوبة » .
قوله : « بما » متعلق بـ « جرى » ، أي جرى القضاء لهم بالمظلومية و المقهورية و غصب الحقوق و سد الباب و ترك مراعاة المودة الموصى بها لهم ... الى غير ذلك من المصائب الواردة المرجوّ لها بحكم «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»۳ و « إن الصبر مفتاح الفرج » ۴ و إن التسليم لأمر اللّه تعالى له مقام عظيم و مراتب عالية .
قوله : « إذ كانت » تعليل لهذا المطلب ، يعني إن المالك يتصرف في ملكه ما يشاء ، فلو غُصب حق آل محمد ـ صلى اللّه عليه ـ برهة من الزمان مع صبرهم على القضاء و الرضا بما أصاب لهم ، فقد عوَّض اللّه ُ عنه بملك طويل و سلطنة تامة في الدنيا ، و هو سلطنة آل محمد « ص » .
قوله : « و سبحان ربنا » سبحان مفعول مطلق نوعي ، أي اُسبِّحُ مثل تسبيح ربنا ، كما قال ابن هشام ، إذ ليس كل تسبيح بمحمود ، و لا كل تنزيه بمرضي . هذا إن كان المصدر مبنيا للفاعل ، و إن كان مبنيا للمفعول فالمعنى واضح ، يعني اُسَبِّح تسبيحَ الرب المعبود بالحق لا المعبودات الباطلة .
قوله « ان » في : « ان كان وعد ربنا » مخففة من المثقلة ، و لذا دخل اللام في خبر كان بعدها .
1.سورة الأعراف ، الآية ۷۳ .
2.سورة الشعراء ، الآية ۱۵۵ .
3.سورة الشرح ، الآية ۶ .
4.نسبه إلى المشهور ، المازندراني ، في شرح اُصول الكافي (ج ۹ ، ص ۲۰۳) فقال : كما اشتهر « الصبر مفتاح الفرج » . و عدّه التنوخي في الفرج بعد الشدة (ج ۱ ، ص ۳۷) من الأمثال السائرة . و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ۱ ، ص ۳۲۲) عدّ من كلام علي عليه السلام : الصبر مفتاح الظفر ، و التوكل على اللّه رسول الفرج . و قال : من كلامه عليه السلام : انتظار الفرج بالصبر عبادة .