133
تربية الطّفل في الإسلام

دور الوفاء بالوعد في تربية الطفل

يواجّه الطفل بعض الوعود في تعامله مع الوالدين منذ أن يبلغ مرحلة الإدراك ، وقد تتحقّق هذه الوعود وقد لا تتحقّق ، إلاّ أنّها حظيت بالاهتمام في التعاليم الإسلامية ، فقد وردت التوصية الأكيدة بالوفاء بالعهد ، ويمكننا تحلل هذه التوصية وتبيينها من عدّة وجوه :
الأوّل: هو الجانب الأخلاقي من المسألة ، فعدم الوفاء بالوعد من الأخلاق الذميمة، وهو صادق في كلّ مكان وبالنسبة إلى كلّ شخص ، والطفل هو أحد مصاديقه .
الثاني: يتمثّل في طابعه التربوي السيّئ للطفل ، فرغم أنّ الشرع نهى نهيا عامّا عن خلف الوعد ، ولكنّه بالنسبة إلى الطفل يتمتّع بأهمّية خاصّة نظرا إلى ظروفه السنية والتربوية الخاصّة ، فالطفل يقتدي بسلوك الآخرين وخاصّة الوالدين، وهذا الاقتداء يترك تأثيرا راسخا وعميقا على شخصيته ، بحيث إنّ إصلاحه سيكون مستحيلاً أو صعبا للغاية .
الجانب الثالث : أثره السلبي في المستقبل على علاقة الطفل باللّه ، فقد أظهرت بعض الدراسات أنّ نوع ارتباط الطفل باللّه ـ سبحانه ـ يخضع لتأثير كيفية ارتباط الوالدين بالطفل ، وقبل أن يتعرّف الطفل على مفهوم «اللّه » فإنّه يعتبر الوالدين
وخاصّة الأب ربّه ومالك أمره ، وبعبارة اُخرى: فإنّه يرى له دورا إلهيّا. (ولذلك فإنّه يعتبر والديه منزّهين عن العيب والنقص ومتمتعين بجميع الكمالات والفضائل ، بل إنّه لا يتصوّر أنّهما يعانيان من العيب والنقص) .
وإذا ما لم يفِ الوالدان بالوعود الّتي قطعوها للطفل ، فإنّه سيعمم خلف الوعد هذا إلى مفهوم الإلوهية وتتعرّض علاقته باللّه في المستقبل بشكل تلقائي للتأثير السلبي ، وقد ورد في الحديث الشريف تعليل يشير إلى هذه الحقيقة : «فإنّهم لا يدرون إلاّ أنّكم ترزقونهم». ۱
إنّ ذلك المفهوم الّذي يمكن للطفل إدراكه عن الاُلوهية ، هو «تأمين الرزق» وتأمين الرزق هو في رأيه معادل للاُلوهية ، فإذا ما رأى خلف الوعد من «ربّ» طفولته ، فإنّه سيسئ الظنّ دوما فيما يتعلّق باللّه ومكانته ، والحديث الشريف : «الجنّة تحت أقدام الاُمهات» يمكن تحليله في هذا المجال ، فبالإضافة إلى الجهود الّتي تبذلها الاُمهات لتربية الأطفال دينيا ، فإنّ شكل علاقة الاُم بالطفل لها تأثير مهمّ في تكوين تصوّر الطفل عن اللّه ، وهذا ما يمكن أن يترك تأثيره في مستقبل الطفل .

1.راجع : ص ۱۳۲ ح ۳۷۶ .


تربية الطّفل في الإسلام
132

4 / 1

الوَفاءُ بِالوَعدِ

۳۷۶.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أحِبُّوا الصِّبيانَ وَارحَموهُم ، وإذا وَعَدتُموهُم شَيئا فَفوا لَهُم ؛ فَإِنَّهُم لا يَدرونَ إلاّ أنَّكُم تَرزُقونَهُم. ۱

۳۷۷.عنه صلى الله عليه و آله :إذا واعَدَ أحَدُكُم صَبِيَّهُ فَليُنجِز. ۲

۳۷۸.السنن الكبرى عن عبداللّه بن عامر بن ربيعة :جاءَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بَيتَنا وأنا صَبِيٌ صَغيرٌ ، فَذَهَبتُ ألعَبُ ، فَقالَت لي أُمِّي : يا عَبدَ اللّه ِ تَعالَ أُعطيكَ .
فَقالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : ما أَرَدتِ أن تُعطِيَهُ؟ قَالَت : أرَدتُ أن أُعطِيَهُ تَمرا ، قالَ : أما إنَّكِ لَو لَم تَفعَلي لَكُتِبَت عَلَيكِ كِذبَةٌ . ۳

۳۷۹.الإمام عليّ عليه السلام :لا يَصلُحُ مِن الكَذِبِ جِدٌّ و لا هَزلٌ ، ولا أن يَعِدَ أَحَدُكُم صَبِيَّهُ ثُمَّ لا يَفي لَهُ ، إنَّ الكَذِبَ يَهدي إلَى الفُجورِ . ۴

۳۸۰.الإمام الكاظم عليه السلام :إذا وَعَدتُم الصِّبيانَ فَفوا لَهُم ؛ فَإِنَّهُم يَرَونَ أنَّكُم الّذينَ تَرزُقونَهُم ، إنَّ اللّه َ عز و جل لَيسَ يَغضَبُ لِشَيءٍ كَغَضَبِهِ لِلنِّساءِ وَالصِّبيانِ . ۵

1.الكافي : ج ۶ ص ۴۹ ح ۳ ، تهذيب الأحكام : ج ۸ ص ۱۱۳ ح ۳۸۹ وفيه «اختنوا» بدل «احبّوا» كلاهما عن عبداللّه بن محمّد البجلي عن الإمام الصادق عليه السلام .

2.الجعفريّات : ص ۱۶۶ عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام .

3.السنن الكبرى : ج ۱۰ ص ۳۳۵ ح ۲۰۸۳۹ ، الإصابة : ج ۴ ص ۱۲۰ نحوه.

4.الأمالي للصدوق : ص ۵۰۵ ح ۶۹۶ عن الحارث الأعور ، مشكاة الأنوار : ص ۳۰۲ ح ۹۳۵ وليس فيه «ولا» بعد «هزل» ، بحار الأنوار : ج ۷۲ ص ۲۵۹ ح ۲۴ .

5.الكافي : ج ۶ ص ۵۰ ح ۸ عن كليب الصيداوي ، عدّة الداعي : ص ۷۵.

  • نام منبع :
    تربية الطّفل في الإسلام
    المساعدون :
    بسنديده، عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 202916
الصفحه من 192
طباعه  ارسل الي